مؤشر مدركات الفساد... الدول العربية اخفقت في تحسين مواقعها.والدانمارك الاولى عالميا وللعام الثاني عشر على التوالي


بروكسل ـ برلين : اوروبا والعرب  
يُظهر مؤشر مُدرَكات الفساد (CPI) لعام 2023 الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية اليوم الاثنين وتلقينا نسخة منها ،  أن الفساد المُستشرِي في الدول العربية يُقوِّض بشكل كبير تحقيق تقدم في المنطقة. ورغم تعهدات البلدان بمكافحة الفساد، فغالباً ما تتخلى الحكومات عن الالتزام بها، ما يُعرِّض في نهاية المطاف الحقوق الأساسية مثل الصحة والتعليم للخطر. وفي كثير من الحالات، يُشكِّل ذلك تهديداً حتى لِحَقّ الناس في الحياة.
 كما يُظهر مؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الذي أصدرته اليوم منظمة الشفافية الدولية التي تتخذ من برليبن مقرا لها أن معظم البلدان لم تحقق سوى تقدم ضئيل أو معدوم في معالجة الفساد في القطاع العام. ويظل المتوسط العالمي لمؤشر أسعار المستهلك دون تغيير عند 43 للسنة الثانية عشرة على التوالي، حيث سجلت أكثر من ثلثي البلدان أقل من 50. ويشير هذا إلى مشاكل فساد خطيرة.
وفقاً لمؤشر سيادة القانون، يشهد العالم تراجعاً في أداء أنظمة العدالة. كما أن البلدان التي حصلت على أدنى الدرجات في هذا المؤشر سجلت أيضًا درجات منخفضة جدًا على مؤشر أسعار المستهلك، مما يسلط الضوء على وجود صلة واضحة بين الوصول إلى العدالة والفساد. تساهم كل من الأنظمة الاستبدادية والقادة الذين يقوضون العدالة في زيادة الإفلات من العقاب على الفساد، وفي بعض الحالات، يشجعونه عن طريق إزالة العواقب عن مرتكبي الأخطاء. 
على مدى السنوات العشر الماضية، أخفقت معظم الدول العربية في تحسين مواقعها على مؤشر مُدرَكات الفساد. وقد أُدرجت سبع دول عربية ضمن الدرجات العشر الدنيا لمؤشر مُدرَكات الفساد لهذا العام، بينما تعيش 80% من بلدان المنطقة في صراعات و تشهد عدم استقرارٍ على الصعيدين الاجتماعي والسياسي. ويبلغ متوسط الدرجات المُجمَّعة لمؤشر مُدرَكات الفساد لعام 2023 للدول العربية 34 من أصل 100، مما يدل على الطريق الطويل الذي ينبغي أن نقطعه لضمان النزاهة والعدالة في مختلف أنحاء المنطقة.
قالت كندة حتر، المستشارة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة الشفافية الدولية:
"في مختلف أنحاء المنطقة، يُعوقُ تفشي الفساد التقدم، كما يؤدي إلى تعميق الظلم الاجتماعي والهيكلي. ورغم الرغبة في معالجة هذه القضايا، يُعزِّز الافتقار إلى الالتزام المستمر بتدابير مكافحة الفساد انعدام الثقة بين الحكومات والمواطنين، ما يؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار السياسي، وتعزيز عدم المساواة، وتصعيد الصراعات."
المعالم البارزة لنتائج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يُصنِّف مؤشر مُدرَكات الفساد 180 بلداً وإقليماً من خلال مستوياتها المُدرَكة لفساد القطاع العام على مقياس من صفر (شديد الفساد) إلى 100 (شديد النزاهة).
انخفض متوسط الدول العربية هذا العام إلى أدنى مستوى له على الإطلاق وهو 34.
سجّلت الإمارات العربية المتحدة (68نقطة ) فيب المركز 26  عالميا وقطر (58نقطة ) في المركز 40 وهما  أعلى الدرجات. وجاءت السعودية في المرز 53  عالميا والكويت والاردن في المركز 63 
سجّلت البُلدان التي مزقتها الحروب أسوأ الدرجات: ليبيا (18نقطة ) واليمن (16) وسوريا (13).
وسجّلت قطر (58 نقطة ) ومصر (35نقطة ) أدنى درجاتهما منذ أصبحت نتائج مؤشر مُدرَكات الفساد قابلة للمقارنة في عام 2012.واحتلت مصر المركز 108 وسبقتها سلطنة عمان و تونس والمغرب و الجزائر وخلف مصر حاءت لبنان والعراق وليبيا
الفساد وغياب العدالة
مع بقاء سبع سنوات فقط لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، تكافح بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للوفاء بالتزاماتها بشأن العدالة وحقوق الإنسان. وفقاً لمؤشر السلام العالمي لعام 2023، لا تزال هذه البلدان الأقلَّ سلاماً في العالم للعام الثامن على التوالي.
وفي خِضم الصراعات المختلفة في المنطقة، بما في ذلك الحرب المستمرة في غزة، ظهرت تقارير عن ممارسات فساد، مثل المطالبة بـ "رسوم" على الحدود لأولئك الذين يهربون من الحرب. لا يؤثر ذلك على الفئات الأكثر ضعفاً بدرجة كبيرة فحسب، بل يُضيف طبقة أخرى من الظلم، مما يعزز اختلال توازن القوى القائم حالياً .
واصل لبنان (24 نقطة ) تراجعه الكبير على مؤشر مُدرَكات الفساد، حيث انخفضت درجته بستِّ نقاط منذ عام 2013. لا يزال الافتقار إلى حكومة فاعلة وتداعيات انفجار مرفأ بيروت في عام 2020 يُكرّسان بقاء البلاد دون مسار واضح للمُضيّ قُدُمًا نحو إنشاء نظام وطني قوي للنزاهة.
هذا العام، حصلت الكويت (46) على أعلى درجة لها على مؤشر مُدرَكات الفساد منذ عام 2015. وفي سبتمبر، صوّت مجلس الأمة على خارطة طريق حكومية جديدة تُركّز على تعزيز الشفافية ومبادئ الحوكمة الرشيدة كوسيلة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي ودفع عجلة التنمية.
تُواصل تونس (40) تراجعها بسبب الأزمة السياسية المتفاقمة. يُشكّل إغلاق هيئة مكافحة الفساد ضربة قاسية للمساءلة والشفافية، ويُعرّض سلامة المُبلغين عن المخالفات والناشطين في مجال مكافحة الفساد للخطر.
البناء على أنظمة شديدة الفساد لن يؤدي إلى التغيير. تدعو منظمة الشفافية الدولية الحكومات إلى منح نظم العدالة الاستقلالية والموارد والشفافية اللازمة لمعاقبة جميع جرائم الفساد بشكلٍ فعال وفرض ضوابط على السلطة. كما يتعيّن عليها أيضًا، عند اللزوم، وضع إجراءات وقوانين أفضل لمساعدة مؤسسات العدالة على حماية نفسها من أعمال الفساد والتمكّن من استهدافها.
قال دانييل إريكسون، الرئيس التنفيذي لمنظمة الشفافية الدولية:
"يؤدي الفساد إلى تفاقم الظلم الاجتماعي، ويؤثر بشكلٍ غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفاً. وفي العديد من البلدان، لا تزال العقبات التي تعترض تحقيق العدالة لضحايا الفساد قائمة. لقد حان الوقت لكسر الحواجز وضمان قدرة الناس على الوصول إلى العدالة بشكلٍ فعال. يستحق الجميع نُظماً قانونية عادلة وشاملة تضمن الاستماع إلى أصوات الضحايا في كل مرحلة. أي شيء آخر يُعدّ إهانة للعدالة"

وقال فرانسوا فاليريان، رئيس منظمة الشفافية الدولية:
"سيستمر الفساد في الازدهار حتى تتمكن أنظمة العدالة من معاقبة مرتكبي المخالفات وإخضاع الحكومات للرقابة. وعندما يتم شراء العدالة أو التدخل فيها سياسيا، فإن الناس هم الذين يعانون. وينبغي للقادة أن يستثمروا بشكل كامل ويضمنوا استقلالية المؤسسات التي تدعم القانون وتتصدى للفساد. لقد حان الوقت لوضع حد للإفلات من العقاب على الفساد”.
أبرز المعالم العالمية
ويصنف مؤشر مدركات الفساد 180 دولة وإقليما حسب مستويات الفساد في القطاع العام على مقياس من صفر (فاسد للغاية) إلى 100 (نظيف جدا).
وتتصدر الدنمارك (90) المؤشر للسنة السادسة على التوالي، تليها فنلندا ونيوزيلندا بدرجات 87 و85 على التوالي. ونظرًا لأنظمة العدالة التي تعمل بشكل جيد، تعد هذه البلدان أيضًا من بين أفضل الدول في مؤشر سيادة القانون.

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات