السودان : "حرب الفظائع" قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية .. تكرار الفيضانات يُعمق الاحتياجات وآلاف الأسر تحتاج إلى الدعم الطارئ


الخرطوم ـ جنيف : اوروبا والعرب 
قال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان محمد شاندي عثمان إن "السودان يعاني من حرب فظائع"، مشددا على أن شعب السودان لا يحتاج إلى التعاطف فحسب، بل يستحق التحرك نحو تحقيق العدالة، وتأمين الحماية، وتحقيق مستقبل خال من العنف.
جاء هذا أثناء استعراض نتائج آخر تقرير للبعثة في الحوار التفاعلي بشأن السودان ضمن فعاليات الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف.
وقال شاندي: "لا يجد السكان المدنيون أنفسهم في مرمى النيران فحسب، بل يتم أيضا استهدافهم عمدا وتهجيرهم قسرا وحرمانهم من الغذاء".
وأفاد بأن كلا من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية وحلفاءهما، ارتكبوا جرائم حرب، مضيفا أنه فيما يتعلق بقوات الدعم السريع، فترقى العديد من أفعالها إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك الاضطهاد والإبادة.
وأضاف عثمان أن طرفا النزاع نفذا أعمالا انتقامية، فضلا عن ارتكاب الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية.
وقال رئيس البعثة كذلك: "شكلت أعمال العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي سمة بارزة لهذه الحرب".
وأشار إلى أن البعثة وثقت حالات اغتصاب، واغتصاب جماعي، واسترقاق جنسي، واختطاف، وزواج قسري ارتكبها مقاتلو قوات الدعم السريع، وغالبا ما استهدفت نساء وفتيات من مجتمعات غير عربية، بعضهن لا يتجاوز أعمارهن 12 عاما. وأضاف أنه توجد أدلة على ارتكاب القوات المسلحة السودانية أعمال عنف جنسي، لا سيما في مراكز الاحتجاز.
فشل في تقليل الخسائر واستراتيجية متعمدة
وقال رئيس البعثة الدولية المستقلة إن "هذه الحرب لا تقضي على الأرواح فحسب، بل تدمر أيضا وسائل البقاء على قيد الحياة".
وأشار إلى تعرض الأسواق للقصف المتكرر، وتدمير النظام الصحي بشكل شبه كامل، واستهداف العاملين في المجال الطبي، وقتل العاملين السودانيين في المجال الإنساني.
وتحدث عن "إحدى أخطر أزمات الجوع الطارئة في التاريخ الحديث"، التي نتجت عن الصراع
وقال عثمان: "هذه ليست أضرارا جانبية. ففي حالة القوات المسلحة السودانيّة، تعكس هذه الأفعال فشلا في تقليل الخسائر بين المدنيين. أما في حالة قوات الدعم السريع، فهي جزء من استراتيجية متعمدة تهدف إلى حرمان المدنيين من مقومات البقاء. وترقى بعض هذه الأفعال إلى مستوى جريمة الحرب المتمثلة في التجويع. علاوة على ذلك، قد يرقى الحرمان الممنهج من الغذاء والدواء، إلى جانب عرقلة المساعدات الإنسانية، إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة".
خارطة طريق
وأوصى رئيس البعثة المستقلة بخارطة طريق تستند إلى أربع ركائز أساسية وهي:
على أطراف النزاع أن توقف العنف، وتحمي المدنيين؛ وترفع الحصارات، وتضمن وصول المساعدات الإنسانية، وتوقف العنف الجنسي.
على الدول الأخرى والمجتمع الدولي أن تطبق حظر الأسلحة؛ وأن توقف جميع أشكال الدعم المادي للأطراف، وأن تدعم جهود السلام، وأن تزيد المعونة الإنسانية؛ وأن تعزز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية؛ وأن تنشئ آلية قضائية مستقلة؛ وأن تمارس الولاية القضائية العالمية؛ وأن تفرض عقوبات محددة الأهداف.
على الوسطاء تسهيل عمليات سلام شامل تكرس العدالة في صميمها.
على المجتمع المدني توثيق الانتهاكات؛ ودعم الضحايا؛ ووضع الأسس لسودان جامع يحترم الحقوق.
وفي نفس الاطار تتواصل جهود الأمم المتحدة وشركائها لإغاثة المتضررين من الانزلاقات الأرضية في قرية دارسين بجنوب دارفور، في السودان، إذ تمكنوا حتى الآن من مساعدة 1000 شخص على الأقل من المتضررين.
وذكر ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة أن بعثة تقييم واستجابة مشتركة تضم نحو 10 وكالات أممية ومنظمات غير حكومية محلية ودولية، قامت بتوصيل الغذاء والإمدادات الحيوية الأخرى مثل خدمات الرعاية الصحية والحماية منذ يوم الخميس.
وسيبحث العاملون الأمميون في المجال الإنساني وشركاؤهم النتائج التي توصلت إليها البعثة والاحتياجات في المنطقة وكيفية تعزيز الاستجابة.
المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قال في مؤتمره الصحفي اليومي إن تكرار حدوث الفيضانات يُعمق الاحتياجات الإنسانية وإن آلاف الأسر تحتاج إلى الدعم والمأوى بشكل عاجل.
وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن الفيضانات في قرية ود الشاعر جنوب شرق ولاية القضارف، شردت نحو 2500 شخص ودمرت حوالي 500 منزل خلال اليومين الماضيين.
وذكرت المنظمة أن مئات الأشخاص شُردوا بسبب الفيضانات الأسبوع الماضي في أجزاء من ولاية البحر الأحمر في شرق السودان، وفي جنوب دارفور في الغرب.
المتحدث الأممي ستيفان دوجاريك أشار إلى أن هذه الأزمات الإنسانية المتعاقبة تحدث في ظل استمرار القتال في السودان. وأعرب عن القلق بشأن التقرير الذي أصدرته يوم الجمعة البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في السودان.
ويوثق التقرير ارتكاب فظائع واسعة النطاق من كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية. ويشير إلى شن هجمات متعمدة على المدنيين وتدمير واسع النطاق للبنية التحتية المهمة بما في ذلك المستشفيات والأسواق وأنظمة المياه ومخيمات النازحين.
ومجددا، دعا المتحدث الأممي إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية وضمان الوصول الإنساني بدون عوائق واتخاذ خطوات لحماية المدنيين وزيادة الدعم الدولي لتلبية الاحتياجات الهائلة بأنحاء السودان.

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات