تجار الرق الجدد يستهدفون الاطفال في المدارس الداخلية .. "الأرباح الفادحة" المتأتية من الرق والأيديولوجيات العنصرية التي غذّت هذه التجارة لا تزال قائمة.
- Europe and Arabs
- الأربعاء , 26 مارس 2025 9:4 ص GMT
نيويورك : اوروبا والعرب
"واحد من أحلك فصول تاريخ البشرية"، بهذه الكلمات، وصف رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي مشددا على الضرورة الأخلاقية الملحة لتفكيك هذا الإرث ووضع أسس مستقبل أكثر عدلا قائم على الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان.
جاء هذا في كلمته في الجلسة العامة السنوية للجمعية العامة للاحتفال باليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي التي سلط فيها الضوء على أثر تلك الممارسة حيث تم اقتلاع ما بين 25 و30 مليون شخص قسرا من ديارهم وتقييدهم ونقلهم من أفريقيا إلى منطقة البحر الكاريبي والأمريكيتين على مدى 400 عام، "والكثيرون منهم لم ينجوا من تلك الرحلة". بحسب ماجاء في نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة
وأشار يانغ إلى أنه على الرغم من إلغاء الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي رسميا، واستعادة الدول الأفريقية سيادتها عبر موجات من إنهاء الاستعمار، فإن آثار الظلم لا تمحى بسهولة، "فهي لا تزال قائمة في سياسات ومؤسسات تُديم العنصرية والقمع المنهجي ضد المنحدرين من أصل أفريقي".
ودعا إلى "هدم هياكل عدم المساواة هذه"، وتعزيز وتنفيذ القوانين التي تُعضد المساواة في السكن والتوظيف والرعاية الصحية والتعليم والعدالة الجنائية، وتطبيق سياسات لا تكتفي بالاعتراف بالظلم التاريخي، بل تُصححه وتصون كرامة وحقوق المنحدرين من أصل أفريقي، ومعالجة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتجذرة في استغلال الشعوب المستعبدة من خلال ضمان الوصول العادل إلى الموارد والفرص.
أهمية التعليم
وشدد رئيس الجمعية العامة على أن "التعليم وإحياء الذكرى أمران مهمان لضمان ألا ننسى"، داعيا إلى دمج تاريخ شامل للرق وتداعياته في المناهج التعليمية حول العالم، "فالمجتمع المُطّلع أكثر قدرة على مواجهة التحيز وتعزيز التعاطف".
وأشار يانغ إلى العقد الدولي الثاني للمنحدرين من أصل أفريقي الذي أعلنته الجمعية العامة في 2024، مؤكدا أنه يمثل فرصة حاسمة لمواجهة الإرث المستمر للرق والاستعمار.
ولفت إلى أن الوقت قد حان لدعم المبادرات التي تعزز التعافي سواء من خلال تدابير إصلاحية، أو اعتراف علني، أو مشاريع مجتمعية تهدف إلى المصالحة. وأضاف: "يجب أن تكون مكافحة بقايا الرق عالمية. من خلال العمل الجماعي فقط يُمكننا بناء عالم تسوده الكرامة والعدالة".
"رحلة العودة التراثية"
وتحدث أمام الجمعية العامة، وولي سوينكا الأديب النيجيري الحائز على جائزة نوبل في الأدب، والذي أكد أن الرق لم ينته، بل إن أسواقه مزدهرة في جميع أنحاء أفريقيا
وأضاف: "اليوم ينتظر تجار الرقيق الجدد أن نرسل أطفالنا إلى المدارس، وخاصة المدارس الداخلية، فيصبحون فريسة سهلة. ينقضون عليهم ويأخذونهم بعيدا، ويحتجزونهم في الغابات، ثم يدعوننا للمجيء وافتدائهم".
وحذر من أن ظاهرة الرق ستظل باقية لوقت طويل، فهناك رقيق المنازل، والحقول، والصحراء الكبرى. وشدد سوينكا على أنه من المستحيل تحديد حجم التعويض المادي عن الرق، وأن التعويض المناسب لهذه الفظاعة العالمية، لا يمكن التعامل معه إلا رمزيا.
وأضاف: "فلنتخلَّ عن فكرة التعويضات المادية. لنتعامل معها رمزيا عبر أحد الأنشطة الرمزية التي يُمكننا الانخراط فيها".
واقترح إقامة معرض تفاعلي يحمل اسم "رحلة العودة التراثية"، سيكون بمثابة "نصب تذكاري متنقل". ووفقا لمقترح الأديب النيجيري، سيضم المعرض قطعا أثرية من القارة الأفريقية، فضلا عن صور للسفن التي كانت تحمل الرقيق.
أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش فقال في كلمته في الفعالية إن تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي "وصمة عار على ضمير الإنسانية لا تُمحى"، مشددا على أن "الأرباح الفادحة" المتأتية من الرق والأيديولوجيات العنصرية التي غذّت هذه التجارة لا تزال قائمة.
وأضاف غوتيريش أن عمق وحجم "قسوة هذه الممارسة ووحشيتها وفسادها أمرٌ لا يُفهم". وتأسف بشدة لتورط عدة دول - بما في ذلك بلده البرتغال - في هذه التجارة غير الأخلاقية التي "حركها الجشع واستندت إلى الأكاذيب، وخاصةً أكذوبة تفوق العرق الأبيض".
وأكد الأمين العام أن هذا اليوم، الذي يُصادف 25 آذار/مارس من كل عام، ليس مجرد يوم للذكرى، بل هو أيضا "يوم للتأمل في الإرث الدائم للعبودية والاستعمار ولتعزيز عزمنا على مكافحة هذه الشرور اليوم".
وقال إن جرائم تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي وتأثيرها المستمر ظلت دون معالجة لفترة طويلة جدا، ولكن بفضل العمل الدؤوب للقادة والمجتمعات المتضررة، "لم يعد من الممكن تجاهل الدعوات إلى الاعتراف بالماضي وإصلاحه".
لا يوجد تعليقات