أطفال غزة يعانون من الجوع وسوء التغذية مما يهدد حاضرهم ومستقبلهم
- Europe and Arabs
- الجمعة , 3 يناير 2025 9:1 ص GMT
غزة : اوروبا والعرب
لا يمكن للكلمات وصف الفاجعة التي يمر بها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فوسائل بقاء الناس على قيد الحياة تُفكَك، فيما الوصول الإنساني يواجه العوائق والمنع والهجمات، ويتلقى القطاع الصحي ضربات قاضية، ولا يجد الكثير من الناس مأوى يحتمون فيه من برد الشتاء القارس. بحسب ماجاء في نشرة اخبار الامم المتحدة التي تلقينا نسخة منها صباح اليوم وجاء فيها ايضا " السكان هنا يشتمون رائحة كريهة في ظل وضع مأساوي مستمر منذ حوالي 16 شهرا. هي مزيج من بارود القذائف والرصاص والغارات التي تنهمر على القطاع ليلا ونهارا، والقمامة المتكدسة التي شكلت تضاريس ومعالم جديدة في كل مكان، والموت الذي طال كل بيت وقطف أرواحا يصعب إحصاؤها بشكل دقيق فيما آلاف الجثث ما زالت تحت الركام.
وكأن هذا المشهد لم يكن كافيا، ليحوم شبح المجاعة على جميع أرجاء القطاع، حيث إن 96 في المائة من النساء والأطفال لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وفقا لمنظمة اليونيسف. وعلى الرغم من أن الشراكة العالمية للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تفتقر إلى القدرة على الوصول الكافي لتقييم حالة التغذية في غزة بدقة، إلا أن التصنيف يفيد بأن الظروف مهيأة لتتحقق أسوأ السيناريوهات المحتملة: انتشار المجاعة في جميع أنحاء قطاع غزة لتطال سكانه البالغ عددهم مليوني شخص بين نوفمبر 2024 وأبريل 2025.
وكما قالت المديرة التنفيذية لليونيسف فإن "الأطفال لم يبدأوا هذا الصراع وليس لديهم القدرة على إيقافه، ومع ذلك فهم يدفعون الثمن الأغلى بحياتهم ومستقبلهم"
"مسك تذبل"
إحدى هؤلاء الأطفال تدعى مسك المدهون. تعاني الطفلة من سوء التغذية الحاد الشديد حيث تدهور وزنها من تسعة إلى حوالي أربعة كيلوغرامات، وما زال ينقص فيما تذوب وتذبل الطفلة البريئة أمام أعين والديها. التقى مراسل أخبار الأمم المتحدة بمسك وعائلتها في مركز للنازحين غرب دير البلح وسط قطاع غزة.
جلس والدها بالقرب منها يحمل أخاها الصغير، والحزن والأسى يملآن عينيه وهو ينظر إلى قرة عينيه وهي بالكاد تستطيع التقاط أنفاسها.
وصفت لنا والدتها التي كانت تحتضنها الظروف التي أدت إلى وصول مسك إلى هذه الحالة، فقالت:
"نزحنا من الشمال إلى رفح، وبعد اجتياح المنطقة، انتقلنا إلى دير البلح حيث عشنا في خيمة. كانت ابنتي تعاني يوميا من ارتفاع درجة حرارتها لأكثر من 40 درجة مئوية. كنا نأخذها في منتصف الليل إلى المستشفى الأمريكي، الذي لم يكن يقدم لها سوى مسكنات الألم الأساسية. وصلت ابنتي إلى هذه الحالة بسبب كثرة النزوح ونقص الطعام والمال. كان وضعنا المادي قبل الحرب أفضل ولله الحمد، لكن بسبب الحرب والنزوح توقف عمل زوجي، ولم يعد قادرا على توفير الطعام والشراب لنا. ولهذا تعاني ابنتي من سوء التغذية الحاد".
أخبرتنا والدتها أن النوم يفلت من عيني ابنتها، وأنها تستيقظ باستمرار على واقعها المرير، فيما تشتد حالتها سوءا مع كل يوم يمر، وقالت: "سوء التغذية الذي تعاني منه شديد لدرجة أنها لم تعد لديها شهية للطعام. وحتى بعد تلقي العلاج وتلقي الأطعمة العلاجية، يستمر وزنها في الانخفاض".
أرض الإنسان
في مشهد يعكس الواقع الإنساني المأساوي في القطاع، توافدت عشرات النساء الفلسطينيات برفقة أطفالهن إلى عيادة طبية محلية تديرها جمعية أرض الإنسان بدعم من اليونيسيف، لإجراء فحوصات طبية لأطفالهن الذين يعاني معظمهم من سوء التغذية.
في حديث مع مراسل أخبار الأمم المتحدة، شرح الدكتور محمد الأغا - الطبيب المشرف على المركز الطبي الواقع في مخيم زعرب في منطقة المواصي غربي خان يونس – الجهود التي تقوم بها الجمعية، فقال: "نحن في هذه النقطة نتابع وضع الأطفال التغذوي. لدينا حاليا ما يقرب من مائتي حالة دخول لأطفال يعانون من حالات سوء التغذية الحاد والمزمن. نقوم بمتابعة أسبوعية، ونتواصل مع العائلات في حال تغيبهم عن مواعيدهم، وذلك بفضل الدعم الشامل من اليونيسف".
بالإضافة إلى الرعاية الداخلية، تقوم الجمعية بدعم الأسر في هذا المخيم بعلاج مئات الأطفال الآخرين الذين يعانون من سوء التغذية المتوسط وإرشاد أولياء أمورهم تفادي السيناريو الأسوأ باستخدام الموارد القليلة المتاحة لهم.
وبعد أن كان قطاع غزة مكتفيا ذاتيا بإنتاج البيض والحليب واللحوم والخضراوات، وصل سوء التغذية الحاد في الوقت الراهن إلى مستويات خطيرة ليزيد بمقدار 10 مرات عما كان عليه قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ومن بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهرا يُتوقع حدوث 60 ألف حالة لسوء التغذية الحاد، منها 12 ألف حالة شديدة الحدة بين أيلول/سبتمبر 2024 وآب/أغسطس 2025.
وبشكل عام يؤدي سوء التغذية بين الأطفال إلى عواقب شديدة طويلة الأمد قد لا يمكن علاجها لتستمر طيلة حياتهم، منها التقزم وضعف النمو الإدراكي وإضعاف جهاز المناعة وزيادة خطر الوفاة بسبب الأمراض الشائعة .
وبالإضافة إلى مواصلة جهودها لتوفير المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة، تدعو الأمم المتحدة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن وضمان دخول وتوزيع المساعدات الإنسانية على النطاق الواسع الضروري إلى جميع أنحاء قطاع غزة.
لا يوجد تعليقات