
التقنيات العصبية .. تقدم هائل للبشر ولكنها تربط نشاط الدماغ بالشبكات الرقمية مما يُعرّض الأفراد لسرقة الهوية "أو حتى السماح لجهات خارجية بالتأثير على النشاط العصبي عن بُعد"
- Europe and Arabs
- الخميس , 13 مارس 2025 7:58 ص GMT
جنيف ـ نيويورك : اوروبا والعرب
قالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بالحق في الخصوصية، إن التقنيات العصبية - التي يمكنها تسجيل وفك تشفير وحتى تعديل نشاط الدماغ – تقدم إمكانيات هائلة في مجالات الطب والاتصالات والبحوث، لكنها حذرت من أنها تقدم أيضا "مخاطر غير مسبوقة، بما في ذلك الوصول غير المصرح به والتلاعب وإساءة استخدام ما يجب أن يبقى مجالنا الأكثر خصوصية: أفكارنا وعملياتنا العقلية".
وفي كلمتها أمام الدورة الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان، قالت المقررة الخاصة آنا نوغريس، إنه مع تطور هذه التقنيات، تتطور التحديات الأخلاقية والقانونية التي تشكلها على حقوق الإنسان الأساسية، وخاصة الحق في الخصوصية.
التقرير الذي قدمته الخبيرة الأممية المستقلة إلى المجلس يُسلط الضوء على فوائد ومخاطر التقنيات العصبية. وأكد أنه على الرغم من أنها تُقدم حلولا رائدة لعلاج الاضطرابات العصبية، وتحسين الوظائف الإدراكية، وتوسيع القدرات البشرية، إلا أنها تُثير مخاوف جدية.
المخاطر على أفكار الفرد
وأشار التقرير إلى قدرة التقنيات العصبية على فك تشفير نشاط الدماغ، مما يسمح بالوصول إلى "أكثر أفكار الفرد ومشاعره حميمية". وفي هذا السياق قالت نوغريس: "بدون ضمانات مناسبة، قد يؤدي هذا إلى مراقبة غير مصرح بها أو حتى الإكراه. يمكن للحكومات أو الشركات أو جهات خبيثة استغلال هذا الوصول للتأثير على القرارات الشخصية والسلوكيات والأيديولوجيات، مما يُضعف بشكل أساسي الاستقلالية الشخصية والسلامة العقلية".
وأضافت أن هذه التقنيات قادرة أيضا على تحفيز أنماط عصبية معينة، والتي قد تُستخدم "لتشكيل الآراء أو المشاعر أو حتى الذكريات بشكل مصطنع"، مما يثير مخاوف أخلاقية عميقة، "ويقوض المبدأ الأساسي للإرادة الحرة".
كما رأت الخبيرة الأممية أن معالجة البيانات العصبية - المستمدة مباشرة من الجهاز العصبي - تفتح الباب أمام شكل جديد من التمييز وإساءة الاستخدام، مما قد يُعمق التفاوتات الاجتماعية القائمة "ويخلق فئة جديدة من الأفراد المهمشين بناء على خصائصهم العصبية".
وأشارت إلى خطر اختراق التقنيات العصبية التي تربط نشاط الدماغ بالشبكات الرقمية، مما يُعرّض الأفراد لسرقة الهوية، "أو حتى السماح لجهات خارجية بالتأثير على النشاط العصبي عن بُعد".
حماية الكرامة والاستقلالية
شددت خبيرة الأمم المتحدة على ضرورة إرساء فئة جديدة من حقوق الإنسان تهدف إلى حماية كرامة الأفراد واستقلاليتهم في مواجهة هذه التقنيات الناشئة بما في ذلك
حمايتهم من الوصول غير المصرح به إلى البيانات العصبية،
حماية سلامة الذات المعرفية والعاطفية للفرد،
ضمان تحكم الأفراد الكامل في أفكارهم وقراراتهم،
منع التحيزات في الوصول إلى التقنيات العصبية واستخدامها،
ضمان استفادة جميع الأفراد، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي، من التطورات في هذا المجال.
وأكدت نوغريس أن تنظيم التقنيات العصبية "ليس مجرد ضرورة قانونية، بل هو ضرورة أخلاقية". وأضافت: "يجب أن نتحرك الآن لوضع ضمانات تكفل استخدام هذه التقنيات القوية لخدمة البشرية بدلا من استغلالها. وبينما نقف على مفترق طرق الابتكار العلمي وحماية حقوق الإنسان، يجب أن نختار مسارا يعطي الأولوية للكرامة والخصوصية والاستقلالية".
ودعت الخبيرة الأممية جميع الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والجهات المعنية إلى العمل معا في اعتماد تدابير تنظيمية تدعم هذه المبادئ. وقالت: "علينا أن نضمن أنه في سعينا نحو التقدم التكنولوجي، لا نتنازل عن جوهر ما يجعلنا بشرا: أفكارنا، وهويتنا، وإرادتنا الحرة".
يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.
لا يوجد تعليقات