السودان يواجه أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ سنوات وسط الحرب والنزوح ومجلس الأمن يدعو لوقف القتال في الفاشر ويرفض إقامة سلطة موازية


الخرطوم ـ نيويورك : اوروبا والعرب 
في مطلع آغسطس الجاري، امتلأت أجنحة علاج الكوليرا في بلدة طويلة بولاية شمال دارفور بالمرضى الذين تمددوا على أسرّة متواضعة، فيما برزت أنابيب المحاليل الوريدية في مشهد يعكس قسوة الوباء. وأكدت منظمة "أطباء بلا حدود" في بيان لها الخميس أنّ السودان يشهد "أسوأ تفشٍ للكوليرا منذ سنوات".
المنظمة الطبية الدولية أشارت إلى أنّ انتشار المرض لم يعد محصورًا داخل حدود السودان، محذّرة من أنّه قد يفاقم تفشيات مماثلة في دول الجوار خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
عبور الحدود وتحذيرات أممية
قال شيلدون ييت، ممثل منظمة اليونيسف في السودان، إنّ "الوباء تجاوز الحدود بالفعل نحو جنوب السودان، وهو الآن يعبر إلى تشاد". وأضاف: "ما لم نتمكن من احتواء هذه الأزمة، فإنها ستستمر في التمدد عبر الحدود لأسابيع وربما أشهر". بحسب ماذكر موقع شبكة الاخبار الاوروبية في بروكسل " يورونيوز" 
ووفقًا لبيانات أطباء بلا حدود، سجّل السودان منذ إعلان وزارة الصحة عن التفشي قبل عام ما يقارب 100 ألف حالة اشتباه بالكوليرا، وأكثر من 2400 وفاة مرتبطة بالمرض، بينها 40 وفاة في أسبوع واحد فقط في إقليم دارفور الغربي
وجاء ذلك بعد ان أعرب أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم البالغ إزاء التقارير الواردة عن تجدد هجوم قوات الدعم السريع في الفاشر، وحثوها على السماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المدينة.
جاء ذلك في بيان صحفي أصدره أعضاء مجلس الأمن الدولي  استذكروا فيه القرار 2736 لعام 2024، الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر- عاصمة ولاية شمال دارفور- ويدعو إلى وقف فوري للقتال وتهدئة الأوضاع في المدينة وما حولها، حيث يُخشى انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الشديد.
وأدان أعضاء مجلس الأمن أيضا الهجمات التي شنتها الأطراف في منطقة كردفان خلال الأسابيع الأخيرة، والتي أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين. وأعربوا أيضا عن قلقهم العميق إزاء تأثير النزاع، بما في ذلك الهجمات على العمليات الإنسانية. 
ودعوا الأطراف في السودان إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، بما يتوافق مع أحكام القانون الدولي ذات الصلة. بحسب نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة
رفض إقامة سلطة حكم موازية
ورفض أعضاء مجلس الأمن الإعلان عن إنشاء سلطة حكم موازية في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع. وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تداعيات هذه الإجراءات التي تمثل تهديدا مباشرا لسلامة أراضي السودان ووحدته، وتنذر بتفاقم الصراع الدائر، وتفتيت البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا.
وأكد أعضاء مجلس الأمن، بشكل قاطع، التزامهم الراسخ بسيادة السودان واستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه. وشددوا على أن أي خطوات أحادية الجانب تقوض هذه المبادئ لا تهدد مستقبل السودان فحسب، بل تهدد أيضا السلام والاستقرار في المنطقة ككل.
وأكدوا مجددا أن الأولوية هي لاستئناف الأطراف للمحادثات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وتهيئة الظروف اللازمة لحل سياسي للصراع، بمشاركة جميع الأطراف السياسية والاجتماعية السودانية الفاعلة، لإعادة إرساء انتقال سياسي موثوق وشامل، نحو حكومة وطنية منتخبة ديمقراطيا، بعد فترة انتقالية بقيادة مدنية، لتحقيق تطلعات الشعب السوداني في مستقبل سلمي ومستقر ومزدهر، بما يتوافق تماما مع مبادئ الملكية الوطنية.
وحث أعضاء مجلس الأمن جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، ودعم جهود تحقيق السلام الدائم.
وأكدوا دعمهم الكامل للمبعوث الشخصي للأمين العام السيد رمطان لعمامرة وجهوده الرامية إلى استخدام مساعيه الحميدة مع الأطراف والمجتمع المدني، بما يؤدي إلى حل مستدام للصراع من خلال الحوار.
خطر المجاعة ووضع يزداد سوءا
قال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن 17 منطقة في السودان تصنف الآن على أنها "معرضة لخطر المجاعة"، بما فيها أجزاء من دارفور وجبال النوبة والخرطوم والجزيرة.
وفي المؤتمر الصحفي اليومي، أفاد دوجاريك بأنه منذ عام عندما تأكدت المجاعة في مخيم زمزم للنازحين وانتشرت منذ ذاك الوقت إلى مناطق في دارفور وكردفان، "ازداد الوضع سوءا وخصوصا في مدينة الفاشر" عاصمة ولاية شمال دارفور.
ونقل عن برنامج الأغذية العالمي دعوته إلى توفير وصول إنساني إلى الفاشر التي تواجه الجوع ولا تزال مقطوعة عن المساعدات الإنسانية.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه كآلية للتكيف، يعيش بعض سكان المنطقة على علف الحيوانات ونفايات الطعام.
وأكد أنه يواصل تقديم الدعم النقدي الرقمي لحوالي ربع مليون شخص في المدينة، مما يسمح لهم بشراء ما تبقى من الطعام المتناقص في الأسواق.
لكنه نبه إلى أن الاحتياجات المتزايدة تجعل من الضروري معالجة حالة الجوع على النطاق المطلوب.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة: "نؤكد مجددا قلقنا إزاء الصراع الدائر، ونجدد دعواتنا لجميع الأطراف لإنهاء العنف، والعزم على الحوار ووضع مصلحة شعبها في المقام الأول".
غضب أممي إزاء مقتل العشرات في الفاشر
وأعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن غضبه إزاء الهجوم واسع النطاق الذي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر المحاصرة ومخيم أبو شوك للنازحين المجاور لها، والذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.
وأفاد بيان صادر عن مكتبه الأربعاء بأنه وفقا للمعلومات الأولية التي حصل عليها المكتب، قُتِل ما لا يقل عن 57 مدنيا في الهجوم على الفاشر، بينهم 40 نازحا في مخيم أبو شوك بولاية شمال دارفور، مضيفا أن المكتب يتابع مزاعم بوقوع إعدامات بحق نازحين في المخيم أثناء الهجوم.

وقال تورك: "ببالغ الأسى، نشهد مرة أخرى أهوالا لا يمكن تصورها تلحق بالمدنيين في الفاشر، الذين عانوا لأكثر من عام من الحصار المستمر والهجمات المتواصلة والظروف الإنسانية القاسية".
وأضاف أن: "تكرار هذه الهجمات على المدنيين، وما يثيره من مخاوف جدية بموجب القانون الدولي الإنساني بشأن الهجمات المباشرة والعشوائية أمر غير مقبول إطلاقا ويجب أن يتوقف فورا".
وجدد تورك دق ناقوس الخطر بشأن الاحتمال الجدي لحدوث انتهاكات واعتداءات ذات طابع عرقي، مع محاولة قوات الدعم السريع السيطرة على الفاشر ومخيم أبو شوك.
وأكد احتمال تكرار الأنماط المروعة من انتهاكات القانون الدولي الإنساني وانتهاكات حقوق الإنسان وما يصاحبها من تجاوزات، كما وثقت في سياق هجوم قوات الدعم السريع على مخيم زمزم في نيسان/أبريل.

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات