الاحتلال والصراع وعدم الاستقرار في 9 دول عربية، تضم حوالي 40% من سكان المنطقة ، تشكل عائقا كبير جدا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة
- Europe and Arabs
- السبت , 30 مارس 2024 17:41 م GMT
نيويورك: اوروبا والعرب
قالت مسؤولة أممية في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) إن الاحتلال وحالات الصراع وعدم الاستقرار في 9 دول عربية، تضم حوالي 40% من سكان المنطقة العربية، تشكل عائقا كبير جدا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ليس فقط في تلك البلدان وإنما في المنطقة العربية بأسرها.
وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، نبهت جنى البابا، المسؤولة بمجموعة تنسيق العمل على خطة 2030 وأهـداف التنمية المستدامة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، إلى أن هناك عدة عوامل تضع البلدان العربية التي تعاني من النزاعات "في حلقة مفرغة" لا تستطيع الخروج منها بسهولة، وتجعلها غير قادرة على استعادة مسار التنمية، الأمر الذي يؤثر على أجيال كثيرة وليس فقط على الجيل الحاضر.
إلا أن هناك قاسمين مشتركين أساسيين في مختلف حالات الدول التي تعاني من الصراعات في المنطقة أو من تداعياتها، بحسب ما ذكرت البابا.
وقالت المسؤولة الأممية إن أول هذه الجوانب هو قضية النزوح واللجوء، حيث يوجد في المنطقة حوالي 9 ملايين لاجئ يعيشون في ظروف صعبة، ويؤثرون كذلك على الفئات أو المجتمعات التي تستضيفهم، هذا علاوة على 19 مليون نازح داخلي.
وأضافت "غزة اليوم أكبر مثال حيث يوجد أكثر من مليوني نازح يعيشون في ظروف مؤلمة جدا نعلمها جميعا".
وأوضحت البابا أن القاسم المشترك الثاني الذي تعاني منه تلك الدول بسبب الصراعات، هو انهيار المؤسسات "لأن هذه الحروب التي يستمر أكثرها لعقد أو أكثر، أضعفت قدرة المؤسسات العامة وأفرغتها من الكفاءات ومن قدرتها على تقديم الخدمات العامة من بينها التعليم والصحة وأيضا الأمن على كامل أراضيها".
رسائل المنتدى العربي للتنمية
وكانت الإسكوا قد نظمت مطلع آذار/مارس المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2024. وقالت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد في كلمتها في الجلسة الافتتاحية للمنتدى إن تحديات مثل تلك التي تواجهها المنطقة، تُذكر بأنه "لا يمكن أن تكون هناك تنمية مستدامة بدون سلام".
وقالت المسؤولة في الإسكوا إن الدول العربية أكدت خلال المنتدى التزامها بخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وخرجت بعدد من الرسائل التي من شأنها تعزيز تلك الخطة في أوقات الأزمات المتعددة.
وأضافت أنه مهما كانت هذه الصعوبات، "تبقى خطة 2030 وأهدافها هي البوصلة وخارطة الطريق نحو مستقبل أفضل للأجيال الحالية والأجيال المقبلة".
وقالت إن المنتدى خرج بعدد من الرسائل والتوصيات بما فيها توصيات حول كيفية إدارة برامج الحماية الاجتماعية لضمان العدالة للأجيال الحالية والقادمة، والاستثمار في السيادة الغذائية على المستوى الإقليمي، واعتماد الحلول القائمة على الطبيعة للتكيف مع تغير المناخ، ومكافحة الفساد داخل الإدارات العامة. لكن الرسائل الأبرز كانت تلك المتعلقة بمؤتمر القمة المعني بالمستقبل.
وأشارت البابا إلى الدعوة كذلك لرفع الصوت من أجل تعزيز تمثيل دول الجنوب عموما والدول العربية بشكل خاص في المؤسسات المالية العالمية، وإصلاح الهيكل المالي الدولي لضمان قدرة البلدان النامية على الحصول على التمويل عندما تحتاج إليه بشكل كبير، خاصة مثلا في حالات الأزمات.
التركيز على ما هو ممكن
وكانت الأمينة التنفيذية للإسكوا السيدة رولا دشتي قالت في كلمتها أمام المنتدى العربي للتنمية المستدامة إنهم يقفون متحدين، ليس فقط للعمل على تحقيق التنمية المستدامة والنمو، "بل أيضا لرسم مستقبل لا تُدفَن فيه تطلعات أي طفل تحت أنقاض الصراعات، ولا يكون فيه الناس المهمَلون والبالغ عددهم 187 مليونا في المنطقة العربية مجرد رقم، بل ركنا أساسيا من أركان مسيرتنا نحو الرخاء والسلام والاستدامة".
وقالت المسؤولة في التنمية المستدامة في الإسكوا، جنى البابا إن خطة 2030 وُضعت في الأصل لكي تصان حقوق الإنسان دون أن يُهمَل أي أحد أو يترك خلف الركب، ولكي تتحقق المساواة بين الجنسين والمساواة أيضا بين الدول.
ومن أجل تحقيق تلك الأهداف، أكدت البابا أن الإسكوا تنتهج مقاربة من شقين تشجع الدول أيضا على انتهاجها.
وأضافت أن الشق الأول "هو التركيز على ما هو ممكن، بمعنى أنه لا يجب أن نحقق الخطة أو ندخل في كل أهدافها مرة واحدة وإنما نركز على ما هو ممكن وما يسمح لنا بتعظيم العائد على الرغم من الموارد المحدودة المتاحة لدينا"
أما الشق الثاني بحسب البابا فهو استشراف المستقبل، وأن "نضع أعيننا دائما على المستقبل بشكل استراتيجي لاقتناص الفرص الجديدة من جهة، وأيضا للاستعداد لأي تحديات قد تكون ملامحها بدأت بالظهور".
وتيرة تقدم بطيئة للغاية
الإسكوا أصدرت في آذار/مارس 2024 تقريرا حول التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، قالت فيه إن تنفيذ خطة 2030 واجه العديد من التحديات والعقبات.
وقالت المسؤولة في مجموعة تنسيق العمل على خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة في الإسكوا "مكننا التقرير من استشفاف بعض الاتجاهات المقلقة على أكثر من صعيد. وتيرة التقدم طبعا بطيئة جدا".
ولفتت إلى أنه إذا استمرت هذه الوتيرة، ستحتاج المنطقة العربية إلى 60 عاما للوصول إلى المقاصد الموضوعة، فيما لم يتبق سوى 6 سنوات فقط على عام 2030.
وأشارت إلى أنه على سبيل المثال، ستتمكن الدول مرتفعة الدخل كدول الخليج من تحقيق خمسة أهداف، وهذا في أفضل الأحوال، أما دول المغرب فقد تتمكن من تحقيق هدفين بحلول 2030، فيما لن تتمكن دول المشرق والبلدان الأقل نموا من تحقيق أي من الأهداف.
ونبهت إلى أن "الفقر يسير في اتجاه عكسي تماما. فبدلا من أن نقضي على الفقر المدقع، تضاعفت نسبته من 9.5% عام 2015 إلى 20% عام 2023".
وتطرقت كذلك إل ما وصفته "الهاجس الأكبر" للمنطقة العربية وهو كيفية التكيف مع تغير المناخ، مشيرة إلى أن هناك 83% من بلدان المنطقة تعاني من الإجهاد المائي، وهناك تزايد في الكوارث المناخية والظواهر الجوية المتطرفةمع ما يأتي معها من تأثيرات على الصحة وإنتاج الغذاء وغيرها.
استثمارات وإصلاحات
كانت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة قالت كذلك في كلمتها أمام المنتدى العربي للتنمية المستدامة إنه رغم كل شيء، "هناك بوادر أمل".
هذا الأمل هو ما تتمسك به الإسكوا دائما بحسب ما أكدت لنا جنى البابا التي قالت إنهم يرون هذا الأمل في مساعي جدية تبذلها كل الدول العربية بمختلف مستوياتها ومستوى دخلها.
وأشارت إلى الاستثمارات الضخمة في مجال الطاقة المتجددة، حيث من المتوقع أن ترتفع القدرة الإنتاجية للمنطقة في مجال الطاقة المتجددة بمقدار 33 جيجاوات حتى عام 2026 في مختلف المنطقة العربية.
وتحدثت أيضا عن وجود جهود كبيرة لجسر الفجوة الرقمية والتحول الرقمي، حيث ارتفعت نسبة مستخدمي الإنترنت من حوالي 38% في 2015 إلى أكثر من 70% في 2020 بما يعني أنها تضاعفت تقريبا.
وقالت إنهم رصدوا كذلك إصلاحات كبرى في مجال الحماية الاجتماعية، حيث "رصدت الاسكوا أكثر من 150 إصلاحا لهذه السياسات عام 2021 وحده نحو توسيع التغطية لتشمل فئات مختلفة معرضة للمخاطر، وأيضا لتصويب وتحسين كفاءة هذه الأنظمة".
ومن المنتظر أن يُنشر في وقت لاحق التقرير العربي للتنمية المستدامة 2024، الذي تصدره الإسكوا كل أربع سنوات.
لا يوجد تعليقات