انعدام الامن الغذائي في غزة والسودان .. الأمم المتحدة: الجوع والنزاع "وجهان لأزمة واحدة" ويهددان الأمن العالمي

 

 
الخرطوم ـ عزة ـ نيويورك : اوروبا والعرب 
حذرت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد من أن العلاقة المتفاقمة بين الجوع والنزاع تشكل "تهديدا استراتيجيا ووجوديا" للأمن الدولي، وأكدت على ضروة التعامل مع هذه الأزمة على هذا النحو.
وبحسب نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة ، جاء ذلك خلال مناقشة مفتوحة لمجلس الأمن حول انعدام الأمن الغذائي المرتبط بالنزاعات، عقدت اليوم الاثنين، حيث أوضحت أمينة محمد أن "الحرب والجوع غالبا ما يكونان وجهين لأزمة واحدة"، وقدمت إحصائيات تثبت الارتباط المباشر بين العنف والجوع:
⬅️النزاع المسلح هو الدافع لانعدام الأمن الغذائي الحاد في 14 من أصل 16 بؤرة جوع في جميع أنحاء العالم.
⬅️في العام الماضي، واجه 295 مليون شخص الجوع الحاد – بزيادة قدرها 14 مليونا عن العام السابق.
⬅️تضاعف عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع الكارثي إلى 1.9 مليون شخص.
وأشارت نائبة الأمين العام إلى أن الرصاص والقنابل تدمر الحقول والأسواق والطرق، بينما يرد الجوع بـ "ضربة مماثلة" عبر تغذية اليأس والنزوح والعنف وتدمير النظم الغذائية.
السودان وغزة
وسلطت نائبة الأمين العام الضوء على الأوضاع المأساوية في مناطق النزاع:
⬅️يواجه السودان أكبر أزمة جوع عالمية، حيث يُديم العنف المجاعة في دارفور وكردفان.
⬅️وفي غزة حيث تأكدت المجاعة في آب/أغسطس لا يزال وضعها وخيماً، مشددة على أن "الغذاء نفسه أصبح سلاحاً" من خلال تكتيكات التجويع المتعمد.
⬅️وفي مناطق أخرى، لا يزال الملايين محاصرين في الحلقة المفرغة ذاتها في هايتي واليمن ومنطقة الساحل وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
مفارقة صارخة
أشارت أمينة محمد إلى "مفارقة صارخة" في الأولويات العالمية، حيث بلغ إجمالي الإنفاق العسكري 21.9 تريليون دولار خلال العقد الماضي، بينما لا يكلف القضاء على الجوع بحلول عام 2030 سوى 93 مليار دولار سنويا.
كما حذرت من أن تغير المناخ يسرّع الأزمة "بقوة مميتة"، حيث تدمر الفيضانات والجفاف المحاصيل وأراضي الرعي، وغالباً ما تتواجد البلدان الأكثر عرضة للمناخ في ظل النزاع، وهو ما "ليس مصادفة".
دعوة للعمل على أربع جبهات
ودعت أمينة محمد المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري عبر أربع ركائز:
⬅️ضمان تدفق المساعدات، وصمود وقف إطلاق النار، ودعم القانون الإنساني الدولي.
⬅️تعزيز النظم الغذائية لتكون طريقاً للانتقال من الهشاشة إلى الصمود.
⬅️اعتبار العمل المناخي ركيزة أساسية للأمن الغذائي والسلام.
⬅️التأكيد على أن الحلول السياسية وحدها هي التي تنهي الحرب، وأن تحقيق السلام يتطلب التعامل مع الغذاء والزراعة كضرورات استراتيجية.
وختمت محمد بالتأكيد على أن نهج الترابط أصبح ضروريا: "لا يمكننا معالجة الأمن الغذائي دون معالجة الأسباب الجذرية للنزاع. ولا يمكننا بناء السلام دون ضمان قدرة الناس على إطعام أنفسهم".
تقرير بؤر الجوع الساخنة
بدورها، قالت جويس مسويا، مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إن الأدلة الواردة في أحدث تقرير عن بؤر الجوع الساخنة، والصادر عن الشبكة العالمية لمكافحة الأزمات الغذائية، واضحة: فالأزمات الغذائية الأكثر حدة في العالم - بما في ذلك المجاعة في أجزاء من قطاع غزة والسودان - تُدفع بشكل رئيسي من جراء النزاع المسلح والعنف. وفي جنوب السودان، لا يزال خطر المجاعة قائما في بعض المقاطعات المتأثرة بالعنف المحلي.
وأوضحت أنه كلما اشتد العنف، ساء انعدام الأمن الغذائي. فالهجمات التي تضر بالمدنيين والبنية التحتية المدنية تترك الحقول مهجورة، وتعطل سلاسل الإمداد الغذائي، وترفع الأسعار، وتدمر سبل كسب العيش.
سعي أممي متواصل لتأمين الوصول الإنساني
كما أكدت مسويا أن العمل الإنساني ضروري لمنع ومعالجة الجوع في النزاعات. فعندما يُحرم الوصول الإنساني، يرتفع الجوع وسوء التغذية – وغالباً ما تكون لذلك عواقب وخيمة على المدنيين. وأوضحت أن تعمل الأمم المتحدة تعمل بلا كلل لتأمين الوصول الإنساني.
وتابعت: "نحن نتفاوض مع أطراف النزاع، ونُشغّل أنظمة إخطار لإبلاغ الجهات المسلحة بتحركات المساعدات الإنسانية، وننسق بين المستجيبين على الأرض. ولكن هذه الأدوات لا يمكن أن تعمل إلا إذا كانت الأطراف ملتزمة بتسهيل الوصول والعمليات الإغاثية".
وأعربت جويس مسويا عن جزعها إزاء العدد القياسي للهجمات التي أضرت بعمال الإغاثة على مدى العامين الماضيين - والتأثير غير المباشر على وصول المجتمعات للإغاثة. ودعت  الدول إلى إدانة هذه الهجمات والدفع نحو إجراء تحقيقات متسقة وذات مصداقية في كل سياق.
واقترحت المسؤولة الأممية أربعة مجالات للعمل دعت مجلس الأمن والدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتخاذ خطوات بشأنها:
⬅️أولا، استخدموا نفوذكم لمعالجة الجوع في مناطق النزاع.

⬅️ثانيا، اعتمدوا سياسات وممارسات قوية لحماية المدنيين.

 

⬅️ثالثا، سهّلوا العمل الإنساني من خلال تبسيط الإجراءات البيروقراطية وضمان قدرة العاملين في المجال الإنساني على التواصل مع جميع الأطراف.
⬅️رابعا، عززوا المساءلة. طالبوا بالتحقيقات وادعموها؛ اعتمدوا تشريعات للملاحقة القضائية لجرائم الحرب؛ عززوا التعاون بين الدول؛ وحيثما تكون السلطات الوطنية المختصة غير قادرة أو غير راغبة في التصرف، ادعموا الولايات القضائية الدولية.
التصنيف المرحلي المتكامل
تحدث في جلسة مجلس الأمن أيضا كبير الاقتصاديين في منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ماكسيمو توريرو، حيث سلط الضوء على الدور الحاسم للبيانات الدقيقة والمحايدة في معالجة الجوع بمناطق النزاع. وشدد على أن منظمة الفاو تقود، على مدى أكثر من عشرين عاما، الجهود العالمية لتوفير تحليل قائم على الأدلة في أكثر البيئات هشاشة في العالم.
ويُعد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي طورته الفاو لأول مرة في الصومال عام 2004، عنصرا مركزيا في هذا العمل. وعلى الرغم من أنه كان في البداية أداة محلية، فقد أصبح التصنيف المرحلي المعيار العالمي لتقييم انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية الحاد. وتضم المبادرة العالمية للتصنيف المرحلي، التي تستضيفها الفاو، 21 منظمة دولية تضمن الدقة التقنية والحياد والاتساق في التصنيفات.
وفي العام الماضي، أكدت اللجنة حدوث المجاعة ثلاث مرات – مرتان في السودان ومرة في غزة. وأوضح ماكسيمو توريرو أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد المجاعة - الناجمة عن الصراع - أكثر من مرة خلال عام واحد.
وشدد توريرو على أن الإنذارات المبكرة التي أصدرها التصنيف في كلا السياقين أشارت إلى الحاجة لعمل عاجل، مؤكدا أن انتظار تأكيد المجاعة يعد تأخرا خطيرا. واختتم بالقول إن التصنيف المرحلي ليس مجرد أداة تقنية، ولكنه شريان حياة للملايين، ويجب حمايته لضمان اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة في عصر يتزايد فيه النزاع وتتراجع فيه الموارد الإنسانية.

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات