بعد سقوط الفاشر..خطر تقسيم السودان يعود من جديد في بلد يعاني بسبب حربٌ أهلية ومصالح دولية وإقليمية..تبادل الاتهامات بين المندوبين الاماراتي والسوداني في مجلس الامن في ظل قلق اممي بالغ

- Europe and Arabs
- الجمعة , 31 أكتوبر 2025 8:17 ص GMT
الخرطوم ـ نيويورك : اوروبا والعرب
عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا تناول الأوضاع في السودان في ظل التصعيد في مدينة الفاشر في شمال دارفور بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها. استمع الأعضاء إلى إحاطة من مسؤوليْن أمميين قبل عقد مشاورات مغلقة تحدث فيها المبعوث الشخصي للأمين العام إلى السودان. كما قدمت بعثة الأمم المتحدة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق بشأن السودان تقريرها إلى الجمعية العامة.
أصدر أعضاء مجلس الأمن بيانا صحفيا أعربوا فيه عن قلقهم البالغ إزاء تصاعد العنف في مدينة الفاشر، شمال دارفور، وما حولها.
وأدانوا هجوم قوات الدعم السريع على الفاشر وأثره المدمر على السكان المدنيين. وحثوا جميع الدول الأعضاء على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يهدف إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، ودعم جهود السلام الدائم، والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
بحسب ماجاء في نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة والتي اضافت انه وخلال الجلسة السفير السوداني طلب الرد على كلمة المندوب الدائم للإمارات قائلا: "لا توجد حرب أهلية في السودان، بل هي حرب عدوان تشنها الإمارات عبر وكيلها الإقليمي؛ (قوات) الدعم السريع".
وتساءل عن "كيف يُسمح لممثل دولة تلطخت أيديها بدماء الأبرياء في السودان أن يخاطب هذا المجلس الموقر وكأنها دولة حريصة على السلام والاستقرار".
وقال الحارث: "مجرد سماع هذا الممثل يتحدث عن الأوضاع في السودان، وكأن السودان تحت وصاية حكومة أبو ظبي يعد إهانة لمجلس الأمن"، مضيفا أنه "أصبح معلوما للقاصي والداني أن نظام أبو ظبي لعب ولا يزال يلعب الدور الأخطر في العدوان على السودان".
وتساءل عن "كيف يعقل أن تتحدث دولة عن السلام في هذه القاعة بينما هي تملأ فضاء السودان بالطائرات والذخيرة وترسلها إلى من يقتلون النساء والأطفال".
ورد السفير الإماراتي على اتهامات السفير السوداني قائلا: "من العبث أن يواصل أحد الأطراف المتحاربة تسييس هذا المنتدى بنشر مزاعم كاذبة لا أساس لها. هذا طرف مسؤول مسؤولية مباشرة عن دمار بلده، وله سجل حافل بعرقلة جهود السلام ورفض الموافقة على وقف فوري لإطلاق النار".
وقال إن القوات المسلحة السودانية استولت على السلطة في 2021 في انقلاب مع شريكها في ذاك الوقت، قوات الدعم السريع. وأضاف: "منذ ذلك الحين، خربت القوات المسلحة السودانية كل جهد سلام ذي مصداقية. وأدى عنادها إلى الكارثة التي نشهدها اليوم".
وقال أبو شهاب: "لا يمكن لأي خطاب يُلقى في هذه القاعة من قبل ممثل أحد الفصائل المتحاربة أن يخفي هويتهم أو ماهيتهم. يجب على العالم أن يتحدث مع المدنيين السودانيين، لا مع جلاديهم".
من جانبه فان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أعرب عن القلق إزاء التقارير الواردة عن انتهاكات حقوق الإنسان واسعة النطاق، وقال إن العنف ضد المدنيين وخاصة عندما يُرتكب بدوافع عرقية، غير مقبول.
وأضاف أن "الفظائع المرتكبة من المتمردين ضد السكان المدنيين في الفاشر والصور المنتشرة على الإنترنت بهذا الشأن، صادمة"، وأشار إلى "فظائع مماثلة" وقعت في السابق في الجنينة والجزيرة في السودان.
وبعد هذه الحوادث، قال نيبينزيا إن أعضاء المجلس يجب ألا ينتابهم أي شك بشأن احتمال تكرار مثل هذه الممارسات في مناطق أخرى غير تابعة لسيطرة الحكومة السودانية. وأشار إلى تقارير عن زيادة أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف قوات الدعم السريع، بمن في ذلك القادمون من مناطق بعيدة عن السودان
من جهتها قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا إن قوات الدعم السريع وحلفاءها "ارتكبوا إبادة جماعية"، مضيفة أن قتلهم الممنهج للرجال والفتيان، "حتى الرضع، واستهدافهم المتعمد للنساء والأطفال بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي الوحشي" له دوافع عرقية.
وقالت إن الولايات المتحدة تدين "هذه الفظائع البغيضة بعبارات لا لبس فيها"، وشددت على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها، بما في ذلك من خلال العقوبات.
وأضافت شيا أن الوقت قد حان الوقت لتحديث قائمة العقوبات المفروضة على السودان، مضيفة أنه يجب على مجلس الأمن استخدام جميع الأدوات المتاحة له لتيسير التوصل إلى السلام في البلاد.
ووفقا لتقارير اعلامية اوروبية فانه بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بات مستقبل السودان - البلد الذي كان يُعتبر يومًا الأكبر مساحة في العالم العربي وسلة غذائه - على المحك، حيث يلوح في الأفق شبح التقسيم في غرب البلاد، في مشهد يذكّر بانفصال الجنوب عام 2011. بحسب ماجاء في تقرير لموقع شبكة الاخبار الاوروبية في بروكسل يورونيوز والذي اضاف "يمثل سقوط الفاشر، آخر المعاقل الإقليمية الكبرى التي صمدت خارج سيطرة الدعم السريع، تحوّلاً جيوسياسياً مصيرياً. فهو ليس مجرد تغير في موازين القوى العسكرية على الأرض، بل إعلان عملي عن خروج إقليم دارفور بالكامل من عباءة الحكومة المركزية في الخرطوم، وبداية مرحلة جديدة نحو الانفصال الفعلي. هذا الانتصار يمنح قوات الدعم السريع منفذاً حيوياً نحو الحدود مع تشاد وليبيا، حيث يوجد جماعات تقاتل لصالحها، ويؤمّن لها خطوط إمداد مستمرة للسلاح والوقود، ويعزّز سيطرتها على مناجم الذهب وشبكات التجارة غير الرسمية التي تمول عملياتها.
ويرى مراقبون أنه لا يمكن فهم هذا التحول بمعزل عن السياق التاريخي للأزمات المتعاقبة التي مزّقت السودان، الدولة التي كانت من أكبر منتجي معدن الذهب، والتي دفعت الحروب فيها بأكثر من 24 مليون شخص – وفقًا لتقديرات نائب الأمين العام للشؤون الإنسانية أمام مجلس الأمن – إلى حافة المجاعة، عاجزين عن الحصول على قوتهم اليومي.

لا يوجد تعليقات