التغيرات المناخية تهدد مصادر المياه العذبة .... اعداد دكتور/ عبدالمنعم صدقي استاذ بمركز البحوث الزراعية ـ مصر

 

أصبح  العالم  يعاني من التلوث، والإحتباس الحراري وانقراض لفصائل نباتية و حيوانية  ومن الانفجار السكاني الذي يتضاعف كل 25 سنه. تتقلص كميات المياه بصورة ملحوظة في أغلب البحيرات والخزانات حول العالم و ترجع أسبابه بنسبة كبيرة إلى التغيرات المناخية والاحتباس الحراري فضلا عن  الإدارة غير المستدامة لموارد المياه
ان التغيرات المناخية وما يصاحبها من إرتفاع حاد  في درجات الحرارة من أخطر ما يهدد موارد المياه العذبة عالميا التي تؤدي لحدوث موجات من الجفاف والتصحر  نتيجة  النقص الشديد في المياه الصالحة للزراعة والشرب كما تهدد بوفاه أكثر عشرة مليون نسمة على مستوى العالم، معظمهم في آسيا وأفريقيا  فضلا عن زيادة الصراعات المسلحة والنزوح الجماعي نتيجة شح المياه.  تأثيرات عديدة يمكن أن يحدثها تغير المناخ على البحيرات والأنهار. أن لارتفاع درجات الحرارة أو انخفاض مستويات المياه أو جفاف المياه تأثير سلبي على جودة المياه حيث تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة النشاط البيولوجي في المسطحات المائية، وبالتالي من استهلاك الأكسجين، مع تقليل قابلية ذوبان الأكسجين وبدون أكسجين كافٍ، لا يمكن للعديد من الكائنات المائية البقاء على قيد الحياة ويؤدي انخفاض المياه  لزيادة تركيز الأملاح ومركبات الفوسفات في الماء و تصبح قيمة الرقم الهيدروجيني للمياه غير متوازنة.ان تغير البيئية في المسطحات المائية  ذات اثر سلبي علي المجتمعات الحيوية.
تعد ندرة المياه المستخدمة في الزراعة كارثة للعديد من الدول التي تعد الزراعة فيها هي العمود الفقري لاقتصاد البلاد وركيزتها الأساسية  التي تعتمد عليها خطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، خاصة وأن الزراعة تستحوذ على 80%  من مخزون المياه العذبة في العالم و يزداد استهلاك المحاصيل للمياه في أفريقيا وآسيا  لارتفاع درجات الحرارة، والاعتماد على الطرق التقليدية في الزراعة كالري بالغمر.
تعد افريقيا هي الأكثر تضرراً من اثار التغيرات المناخية وتداعياتها على موارد المياه العذبة . إن أكثر من 300 مليون شخص في القارة لا يحصلون على المياه النقية والكافية، وتسببت  موجات الجفاف وشح المياه في هجرة ملايين الفلاحين لأراضيهم الزراعية وذلك رغم تعدد مصادر المياه في أفريقيا كالأنهار والبحيرات و أهمها نهر النيل ونهر الفولتا ونهر زامبيزى ونهر النيجر ان أفريقيا هي أقل القارات في العالم في توفير خدمات المياه النقية أو الصحية، حيث يعاني أكثر من نصف سكانها من الأمراض المتصلة بمياه الشرب. 

 

يعيش معظم سكان آسيا وأفريقيا على أقل من 10 لترماء/ يوم وهو معدل منخفض للغاية بالمقارنه  بسكان باقي الدول المتضررة من أزمة المياه في العالم، والتي يبلغ متوسط نصيب الفرد اليومي فيها نحو30 لترًا.  ان احتياجات الفرد العادي من المياه تقدر يوميا بـ50 لترًا  منها  5 لترات للشرب، و20 لترًا للاستخدامات الصحية، و15 لترًا للاستحمام، و10 لترات لإعداد الطعام. 
السبب الرئيسي لنقص موارد المياه العذبة في أفريقيا هو الجفاف الذي تزايدت حدته نتيجة للتغيرات المناخية التي يشهدها العالم، اما في آسيا، يرجع إلى ذوبان الأنهار الجليدية بجبال الهيمالايا، التي تعد المصدر الرئيسي للمياه العذبة، حيث تمد الأنهار الجليدية أنهارا آسيوية بنحو 8.6 مليون متر مكعب سنوياً، بما فيها نهر اليانجتسي والنهر الأصفر في الصين ونهر الجانج في الهند ونهر أندوس في باكستان ونهر براهمابوترا في بنجلاديش وكذا نهر أراوادي في بورما. 
أن استمرار معدل ذوبان الأنهار الجليدية على ما هو عليه، يشكل خطورة كبيرة على حياة السكان وخاصة في جنوب آسيا، لاعتمادهم على أنهار الجليد في الحصول على مياه الشرب.أن التغيرات المناخية التي سيشهدها العالم خلال السنوات المقبلة ستكون الأسوأ من نوعها، وسيترتب عليها نقص شديد في موارد المياه العذبة، على نحو يجعل الزراعة مستحيلة في كثير من مناطق العالم، ويؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المحاصيل، بما يمثل مشكلة حقيقية لمئات الملايين من البشر لا يتعدى دخلَهم دولار واحد يومياً. 
لابد من تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لتحقيق إدارة رشيدة لموارد المياه العذبة وحسن استخدامها، والتحول لاستخدام محاصيل أقل استهلاكا لها، والتصدي للاستغلال الجائر للمياه في الزراعة، والعمل على زيادة الوعي لدى الحكومات والمواطنين حول ضرورة التعامل بطريقة أفضل مع الأنشطة، التي تؤدي إلى ازدياد ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
 

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات