محمد حمدي يكتب : انهم يبتسمون
- Europe and Arabs
- الثلاثاء , 30 أغسطس 2022 19:34 م GMT
في خضم انشغالاتك اليومية مع مسؤولياتك العائلية والشخصية والمهنية قد تنسى سرا من أسرار الحياة التي تساعدك على تجاوز الكثير من المشاكل والهموم...الابتسامة.
يجمع رصيف المشاة في الأحياء والمدن الأمريكية بين أناس لا يعرفون بعضهم البعض في أغلب الأحيان ورغم ذلك عندما تلتقي العيون أو يمر أحدهما بجوار الآخر تراه يهز رأسه ملقيا تحية الصباح أو المساء مع ابتسامة خفيفة.
تدخل محلا لشراء القهوة تجد العاملين يرحبون بك بصوت واضح وابتسامة لا تحجبها الشمس، تذهب لمكتب البريد أو السوبر ماركت تجدهم أيضا بنفس الروح والحماسة. ما زلت أذكر موظفا في مكتب توثيق الأوراق الرسمية في العاصمة واشنطن بمظهره البسيط المعتاد، كان يحب أن يغلق أزرار القميص إلى نهايتها، وفي كل مرة أذهب لطلب خدمة لا يزال كما هو بشوشا مبتسما رغم أنه لا يعرفني ولا أعرفه ويتكالب عليه عشرات الأشخاص من أصحاب المعاملات المختلفة.
هم أناس عاديون لديهم أيضا مشاكل وديون وقروض جامعية لا تسقط بالتقادم وقسط المنزل الشهري للبنك وغلاء معيشة ورغم ذلك لم يختف هذا التقليد الاجتماعي الحميد من سلوكياتهم اليومية.
روت لي صديقة عزيزة موقفا حصل معها في محطة بنزين بولاية فيرجينيا حيث لا يوجد من يملئ لك خزان الوقود وعليك أن تخدم نفسك بنفسك، وضعت خرطوم التعبئة في الخزان وبينما تنتظر بجوار سيارتها وقعت عينها على سيدة أخرى في الجانب المقابل وبعد أن تبادلا ابتسامة عابرة فوجئت باقتراب هذه السيدة منها وسألتها بخجل هل يمكن أن أطلب منك شيئا؟ أحتاج إلى حضن. وما كان منها إلا أن أرتمت في حضنها وبكت للحظات. ثم رفعت رأسها وشكرتها وقالت لها هذا كل ما كنت أحتاج له في هذا اليوم.
تحثنا الأديان السماوية على التفاؤل والبشاشة ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة "، ورغم ذلك يندر هذا السلوك في العادات اليومية ببلداننا العربية، راجع كم مرة تبادلت فيها التحية والابتسامة مع أشخاص لا تعرفهم ولا يعرفونك أمام منزلك، في الجراج، عند السوبرماركت، في المول، قد نفاجئ أن العكس هو الصحيح حتى لو كان الاثنان يعرفان بعضهما جيدا. العبوس سيد الموقف، كأنهما تخاصما على حب فتاة في الجامعة فاختارت أحدهما ورفضت الثاني!
ابتسم، تبتسم لك الحياة.
@mhamdy_74
لا يوجد تعليقات