الجانب الاخر ... بقلم محمد حمدي

 

هاجس المقارنة يلاحق المغترب في حله وترحاله ،  من أكبر الأشياء والمواقف لأصغرها بحثا عن مساحة ربما تقنعه في داخل نفسه بأنه لم يبتعد كثيرا عن الوطن. 
كان هذا السؤال يلح علي من وقت لآخر: هل هناك شبه بين مصر وأمريكا؟ 
دعك من السياسة وتعقيداتها التي لا تنتهي .. ركز مع الناس مع المجتمع.
مصر بلد كبير وأمريكا كذلك ، كلاهما مجتمع منفتح ما يحدث فيه يتردد صداه في محيطه، الفن قوة ناعمة لمصر على مدار السنين ولا حاجة أن نقول ماذا تفعل هوليوود والدراما الأمريكية في العالم ، ومن الغريب أنني كنت أشبه حي "آدامز مورجان"   Adams Morga  في العاصمة واشنطن بشارع الهرم في مصر حيث ليالي السهر وأشياء أخرى (ما تفهمنيش غلط ) . 

لكن هذه المقارنات الدائمة قد تتسبب في فقدان البوصلة وعدم الالتفات  لما هو متميز في كل مجتمع ، أو بالأحرى الجانب الآخر  لهذا المجتمع بعيدا عن الصور النمطية التي يرسمها الإعلام أو عناوين النشرات . كما في حالة أمريكا التي يحلو للبعض أن يصفها بالشيطان الأكبر وأنها سبب المشكلات في هذا العالم. 

الثقة .. واقع حقيقي عايشته في أمريكا ، مجتمع مبني عليها في تعاملاته اليومية وخيانتها أشبه بالعار الذي يلاحق صاحبه طول العمر. بعد ثلاث سنوات من السكن في  شقة بالإيجار  انتقلت إلى منزل أو كما يطلق عليه  Townhouse في حي سكني ليس ببعيد عن مقر عملي . لفت نظري أن طرود البريد ( خاصة  المشتريات والهدايا كبيرة الحجم مما لا يمكن وضعها في  صندوق البريد العادي) يمكن أن يتركها ساعي البريد أمام المنزل وينصرف. تمر ساعات وربما اليوم بأكمله والطرد كما هو أمام المنزل حتى يعود صاحبه ويتسلمه . كانت لنا جارة لم تكن حتى تلقي تحية الصباح في أول أيام لنا بالحي . وبعد فترة انكسر هذا الحاجز وبدأنا في تبادل التحية على استحياء وفوجئنا في يوم من الأيام بها تدق باب المنزل تطلب منا استلام بريدها اليومي وحفظه وما يصلها طرود لأنها ستغيب عن المنزل بضعة أيام . بل وتركت مفتاح منزلها معنا في حالة الضرورة .

كما لا يمكنني أن أنسى أول يوم لنا في هذا الحي عندما جاء إلينا جار  هو السيد أوور ورحب بنا وعرفنا بنفسه وأعطاني هواتف لجنة إدارة شؤون الحي.

هناك أيضا الإنسانية في أسمى معانيها ، تعرفنا على عائلة أمريكية من مشوار المدرسة اليومي لتوصيل الأبناء مشيا على الأقدام وتبادل الأحاديث السريعة أمام المدرسة عند ساعة الخروج ... أسرة لديها ثلاثة أطفال قررت تبني طفلة من الصين ولدت بتشوه خلقي في الوجه ، قالت لها سيدة أخرى بينما كانت تحمل الطفلة على كتفها أمام المدرسة : لابد أنها طفلة محظوظة؟ ردت الأم : كلا نحن من حلت علينا البركة منذ أن جاء هذا الملاك الصغير إلى منزلنا . 

المثل الشعبي المصري يقول : تعرف فلان : آه ، عاشرته : لأ ، يبقى ما تعرفوش.

 

  محمد حمدي - صحفي 
     @mhamdy_74

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات