
التنمية المستدامة في الدول النامية : التحديات والفرص .. إعداد د/ عبدالمنعم صدقي استاذ بمركز البحوث ـ مصر
- Europe and Arabs
- الخميس , 8 مايو 2025 6:22 ص GMT
تمثل التنمية المستدامة حجر الزاوية في سعي الدول النامية لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي دون الإضرار بالبيئة أو استنزاف الموارد الطبيعية. وقد برز هذا المفهوم بقوة بعد قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، حيث تم التأكيد على أن العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة يجب أن تسير جنبًا إلى جنب لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
التنمية المستدامة تُعد توجهًا عالميًا حاسمًا في مواجهة التغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، تواجه الدول النامية تحديات معقدة، تشمل الضغط السكاني، وتدهور الموارد الطبيعية، وتغير المناخ، مما يجعل التنمية المتوازنة أمرًا ملحًا. تتأثر قطاعات رئيسية، كالزراعة والأمن الغذائي وإنتاج الثروة الحيوانية، بشكل خاص. في المناطق الريفية، يعتمد ملايين الأشخاص على الطبيعة في غذائهم ودخلهم. تُعد البرامج التي تدمج المعرفة العلمية مع تنمية المجتمع، والتي تستهدف صغار المزارعين والمربين بتقنيات فعالة بيئيًا، أمرًا بالغ الأهمية. يُعد بناء القدرات المحلية من خلال التعليم ونقل التكنولوجيا وتمكين المرأة والشباب أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة. كما يُعد دعم السياسات العامة التي تضمن ترشيد استخدام الموارد والتعاون بين مؤسسات البحث والمجتمع المدني أمرًا بالغ الأهمية.
التنمية المستدامة تُعرّف بأنها "التنمية التي تلبي احتياجات الحاضر دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة". وتشمل أبعادًا ثلاثة مترابطة: النمو الاقتصادي، التنمية الاجتماعية، وحماية البيئة.
التحديات التي تواجه الدول النامية
- الفقر والبطالة: تعاني العديد من الدول النامية من معدلات عالية للفقر والبطالة، مما يصعب تحقيق توزيع عادل للثروة ويعوق التنمية البشرية.
- ضعف البنية التحتية: غياب شبكات المياه والكهرباء والمواصلات يعطل الاستثمارات ويقلل من جودة الحياة.
- التغيرات المناخية: الدول النامية من أكثر المناطق تضررًا من آثار التغير المناخي، رغم أنها تساهم بأقل نسبة في الانبعاثات الكربونية.
- الفساد وسوء الإدارة: يؤدي غياب الحوكمة الرشيدة إلى إهدار الموارد وتضاؤل الثقة في المؤسسات العامة.
الفرص المتاحة لتعزيز التنمية المستدامة
- الاستثمار في رأس المال البشري بالتعليم والتدريب يرفع من قدرة الأفراد على الإبداع والابتكار و تمكين الشباب من خلال التعليم وبناء المهارات يعزز رأس المال البشري ويزيد من فرص التنمية.
- الاعتماد على الطاقة المتجددة: الشمس والرياح والكتلة الحيوية تمثل مصادر واعدة للطاقة في الدول النامية، مما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويعزز الأمن الطاقي.
- التمكين الاقتصادي للمرأة: إدماج النساء في سوق العمل يرفع الإنتاجية ويعزز النمو الشامل.
- الشراكات الدولية: يمكن للدول النامية الاستفادة من الدعم المالي والتقني من الجهات المانحة والمنظمات الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
تُركز مصر على التنمية المستدامة من خلال استراتيجية "رؤية مصر 2030"، والانتقال إلى اقتصاد أخضر، وتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، والاستثمار في التعليم والصحة، واستضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27) في عام 2022، والتعاون مع شركاء دوليين مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي. تهدف هذه الجهود إلى تحسين العدالة الاجتماعية، والنمو الاقتصادي، وحماية البيئة، وتطوير البنية التحتية، مع تعزيز العمل البيئي والمناخي.لقد نجحت رواندا في تعزيز النمو الأخضر من خلال سياسات بيئية صارمة واستخدام التكنولوجيا في الزراعة والصحة و تمكنت بنغلاديش من تحقيق نمو اقتصادي ملحوظ مع تحسينات في الصحة والتعليم، رغم محدودية الموارد وحقق المغرب استثمار واسع في الطاقة الشمسية والمشاريع الخضراء.
التنمية المستدامة في الدول النامية ليست خيارًا بل ضرورة ملحة. إن التغلب على التحديات وتحقيق التوازن بين الأبعاد الثلاثة للتنمية يتطلب التزامًا سياسيًا، استثمارات ذكية، وتعاونًا دوليًا حقيقيًا. وبتكامل الجهود، يمكن تحقيق مستقبل أكثر عدلًا وازدهارًا واستدامة.
لا يوجد تعليقات