النزاعات المسلحة تدفع الملايين إلى الجوع والمرض والنزوح وتدمر ايضا النظم البيئية

- Europe and Arabs
- الجمعة , 7 نوفمبر 2025 7:46 ص GMT
نيويورك : اوروبا والعرب
قالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إن النزاعات المسلحة تؤدي إلى "تلوث وإهدار وتدمير" النظم البيئية الحيوية، مضيفة أن هذا الضرر البيئي له آثار طويلة المدى تستمر في "دفع الناس إلى الجوع والمرض والنزوح - مما يزيد من انعدام الأمن".
جاء ذلك في بيانها أمام مجلس الأمن الدولي الخميس في اجتماعه حول الآثار البيئية للنزاعات المسلحة، حيث أكدت السيدة إنغر أندرسن أن منع الضرر الذي يلحق بالبيئة أثناء الصراعات أمر بالغ الأهمية، مشيرة إلى أن التعافي منه قد "يستغرق عقودا". بحسب ماجاء في نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة
وأشارت إلى تدمير المحاصيل خلال حرب غزة، فضلا عن تلوث النظم البيئية للمياه العذبة والبحرية بمياه الصرف الصحي وغيرها من الملوثات. كما تطرقت إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه، سواء كانت عرضية أو متعمدة، كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن
وقالت المديرة التنفيذية إن الأشخاص الفارين من العنف أجبروا أيضا على البحث عن الملجأ في مناطق هشة بيئيا، مما أدى إلى إزالة الغابات للحصول على الوقود والمأوى، الذي بدوره سرع التصحر وتآكل التربة.
أكدت أندرسن أن تغير المناخ يُفاقم التوترات وقد يشكل "دافعا إضافيا" للنزاعات إلى جانب تحديات أخرى كالتناحر على الموارد، والخلافات العرقية أو الدينية. وأضافت أن هناك أيضا "أدلة متزايدة على أن الجفاف وارتفاع درجات الحرارة يزيدان من مخاطر أشكال عدة من النزاعات".
دعم المجتمعات المتضررة
وشددت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة على ضرورة دعم البلدان والمجتمعات المتضررة من النزاعات بأدوات لحماية الموارد الطبيعية والبيئة. ودعت إلى إعطاء الأولوية لإعادة بناء القدرات الوطنية في مجال الإدارة البيئية، إذ غالبا ما تضعف مؤسسات الحكم المحلية والوطنية خلال فترات النزاع.
وأكدت على ضرورة تيسير وتمكين العمل بين القطاعات والجهات الفاعلة. وأشارت إلى توسيع نطاق دمج مستشاري الأمن البيئي والمناخي في عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة من خلال إنشاء آلية الأمن المناخي - وهي جهد مشترك للأمم المتحدة يتناول الروابط بين المناخ والسلام والأمن.
كما شددت أندرسن على ضرورة زيادة الاستثمارات في مجال التكيف مع تغير المناخ في البلدان المتضررة من النزاعات. وأشارت إلى الفجوة الهائلة في التكيف، كما هو واضح في أحدث تقرير لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، حيث إن هذه البلدان "تلقت دولارين فقط للفرد الواحد من تمويل المناخ، مقارنة بـ 162 دولارا للفرد في البلدان الأكثر استقرارا".
واختتمت كلمتها بالقول: "مع توجهنا إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 30 في بيليم (البرازيل)، لا بد من رفع الطموحات في كل من التكيف والتخفيف. إن كل جزء من الدرجة التي يتم تجنبها (في ارتفاع درجة الحرارة) يعني خسائر أقل للناس والنظم البيئية - وفرصا أكبر للسلام والازدهار".
وضع هيكل قانوني
من جانبه، شدد عضو لجنة القانون الدولي البروفيسور تشارلز جالو، على الحاجة إلى إطار قانوني متماسك لتعزيز التعاون الدولي ومواجهة الضرر البيئي الناجم عن النزاعات. وقال إن التحدي يكمن في أن جزءا كبيرا من الإطار القانوني الدولي الحالي "يشبه خليطا من المعايير، بدلا من هيكل قانوني متماسك".
وقال إنه في حين أنه من المهم أن يوفر القانون الدولي الحالي بعض الحماية للبيئة في سياق النزاعات المسلحة، فإن "الحماية الفعالة للبيئة لا تزال بعيدة المنال" رغم الجهود الكبيرة لتعزيز الإطار القانوني الدولي في هذا المجال.
وقال جالو إن المجلس يمكن أن يشجع الدول على إدماج المبادئ التوجيهية للجنة الدولية للصليب الأحمر ومبادئ لجنة القانون الدولي - التي توفر إرشادات مفصلة حول كيفية حماية البيئة بشكل أفضل في سياق النزاعات المسلحة - في تشريعاتها الوطنية، بما في ذلك في الأدلة العسكرية والتعليمات الموجهة للقوات المسلحة والأفراد.
وشدد على ضرورة حظر الأضرار البيئية الجسيمة، وخاصة تلك التي قد تساهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بموجب القانون الدولي والوطني، وعلى ضرورة وضع صك قانوني جديد لتوفير المزيد من الحماية للبيئة.
كما أوصى بأن ينظر مجلس الأمن في إنشاء آلية لرصد الأضرار البيئية في النزاعات المسلحة، الدولية وغير الدولية على حد سواء، والتي يمكنها أيضا معالجة مطالبات التعويض.
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة القانون الدولي هي هيئة تابعة للأمم المتحدة تضم خبراء قانونيين أنشأتها الجمعية العامة، وهي مسؤولة عن تدوين القانون الدولي وتطويره التدريجي.
الأزمة البيئية الأمنية في هايتي
كما استمع المجلس أيضا إلى إحاطة من السيدة مارانثا دينات من منظمة الإغاثة العالمية، التي سلطت الضوء على الأزمة البيئية العميقة في هايتي وآثارها على الوضع الأمني في البلاد.
وقالت دينات إن الأزمة البيئية والأمنية في هايتي "لا تستثني أحدا، [حيث] إنها تُقوّض كرامة المجتمع بأسره وسلامته وتماسكه". وأضافت أن سكان البلاد يواجهون حلقة مفرغة يدفع فيها انعدام الأمن إلى النزوح، ويعرّض النزوح الناس لمخاطر مناخية جديدة، "وتؤدي الصدمات المناخية بدورها إلى تعميق التوترات الاجتماعية والتنافس على الموارد الشحيحة".
وشددت على أنه بدون استجابة متكاملة، "فإننا لا نخاطر فقط بتدمير الأرواح، بل بالتشرذم الكامل للنسيج الاجتماعي والحضري في هايتي".
وشددت دينات على ضرورة إدراك المجتمع الدولي أن الأزمة البيئية في هايتي "هي في جوهرها أزمة إنسانية وأمنية أيضا"، مضيفة أنه من المُلحّ تعزيز الروابط بين العمل الإنساني والتكيف مع تغير المناخ وبناء السلام.

لا يوجد تعليقات