
طوابير الجوع في غزة .. معاناة يومية مستمرة .. تزايد في عدد القتلى بين الراغبين في الحصول على طعام
- Europe and Arabs
- الجمعة , 1 أغسطس 2025 7:29 ص GMT
غزة ـ نيويورك : اوروبا والعرب
في المناطق الغربية من مدينة غزة، حيث تتكدس أرواحٌ نازحة في خيام ضيقة، تتجلى مأساة إنسانية تستعصي على الوصف. هنا، حيث أصبح الحصول على لقمة العيش معركة يومية، يقف المئات من الرجال والنساء والأطفال في طوابير لا تنتهي، تحت أشعة الشمس الحارقة، أمام مطابخ مجتمعية قليلة لا تملك سوى شوربة العدس لتقدمه.
مراسل نشرة الاخبار اليومية للامم المتحدة غزة زار أحد المطابخ المجتمعية ووثّق مشاهد مؤلمة لمعاناة النازحين وصرخات استغاثتهم ومناشداتهم العاجلة للعالم، طالبين إنهاء مأساتهم والتخفيف عنهم.
"أين العالم؟ نحن نموت هنا من الجوع"
ينهمك عمال المطبخ المجتمعي في إعداد حساء العدس بينما تتكدس الأوعية البلاستيكية والأطباق الفارغة، خلف سياج حديدي، بانتظار كمية قليلة من هذا الحساء الذي قد لا يتمكن الكثيرون من الحصول على رشفة منه.
بعد كفاحٍ مرير، تمكن زياد الغريز - وهو نازح مسن من غزة - من الحصول على كوب من حساء العدس. جلس على الأرض، وبدأ يأخذ منه رشفاتٍ بطيئة. يقول" إنه لم يتذوق الخبر منذ عشرة أيام متواصلة؛ ويتابع: "أتناول شوربة العدس التي يوزعها المطبخ المجتمعي. لا أستطيع شراء الدقيق على الإطلاق؛ ليس لدي مال لشرائه، لذلك أحاول الحصول على أي شيء يوزعه المطبخ. أهل غزة جائعون".
وفقا لأحدث النتائج التي توصلت إليها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، يعاني طفل من كل خمسة أطفال في مدينة غزة من سوء التغذية، مع تزايد الحالات يوما بعد يوم.
ووفق تحذير صادر من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، تواجه غزة خطر المجاعة الشديد إذ وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء والتغذية إلى أسوأ معدلاتها منذ بداية الصراع الحالي.
يسلط التنبيه الضوء على تجاوز اثنين من العتبات الثلاث للمجاعة في أجزاء من قطاع غزة، مع تحذير برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من نفاد الوقت لإطلاق استجابة إنسانية شاملة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن التنبيه يؤكد "ما نخشاه: غزة على حافة المجاعة". وقال إن الحقائق لا يمكن إنكارها وإن الفلسطينيين في غزة يعانون من كارثة إنسانية ذات أبعاد ملحمية. وأضاف: "هذا ليس تحذيرا، ولكنه واقع يتكشف أمام أعيننا".
وأكد ضرورة أن يتدفق الغذاء والماء والدواء والوقود "في موجات وبدون عوائق. يجب أن ينتهي هذا الكابوس".
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قال إنه بعد أيام من بدء التوقفات التكتيكية التي أعلنتها السلطات الإسرائيلية في غزة، "ما زلنا نشهد سقوط ضحايا بين الباحثين عن المساعدة ومزيدا من الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية".
وقال المكتب الأممي إن الآباء والأمهات يواصلون الكفاح لإنقاذ أطفالهم الجوعى. ويواصل اليائسون والجوعى تفريغ كميات صغيرة من المساعدات من الشاحنات التي تتمكن من الخروج من المعابر.
ورغم أن الأمم المتحدة وشركاءها يستغلون أي فرصة لدعم المحتاجين خلال التوقفات التكتيكية الأحادية، إلا أن ظروف إيصال المساعدات والإمدادات بعيدة كل البعد عن أن تكون كافية، وفقا لمكتب أوتشا.
وحذرت وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني من أن قطاع غزة على شفا المجاعة، استنادا إلى أحدث معلومات التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. وأشارت إلى أن 96% من الأسر التي تم استطلاعها خلال الأسبوعين الأولين من يوليوعانت من مستويات متوسطة إلى عالية من انعدام الأمن المائي - بزيادة 3% مقارنة بشهر يونيو.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن ما لا يقل عن 1,373 فلسطينياً قُتلوا منذ 27 مايو أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء؛ منهم 859 في محيط مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية" و514 على امتداد طرق قوافل المساعدات الغذائية.
وذكر المكتب على موقع إكس أن "القوات الإسرائيلية ارتكبت الغالبية العظمى من هذه الجرائم. ولا يزال إطلاق النار وقصف الفلسطينيين مستمراً من قبل القوات الإسرائيلية" على امتداد طرق قوافل المساعدات الغذائية، وفي محيط مواقع 'مؤسسة غزة الإنسانية'.
وقال إن ذلك يحدث رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في يوليو عن "توقف مؤقت للعمليات العسكرية" خلال ساعات محددة "لتحسين الاستجابة الإنسانية".
وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) قالت إن "المجاعة" في غزة من صنع الإنسان بالكامل. وشددت على ضرورة السماح للأمم المتحدة، بما فيها الأونروا، بأداء عملها حتى تصل المساعدات بأمان إلى من هم بأمسّ الحاجة إليها، بما في ذلك مليون طفل جائع.
وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام والتواصل في وكالة الأونروا إن "الإسقاطات الجوية غير ضرورية على الإطلاق، وغير فعّالة، ومكلفة، ومحفوفة بالمخاطر".
وأشارت إلى أن هناك "طريقة أكثر أمانا وأسرع وتحفظ كرامة الإنسان وهي إيصال المساعدات عبر الطرق البرية". وقالت إن الأمم المتحدة – بما فيها الأونروا – تمكنت من إدخال ما بين 500 إلى 600 شاحنة بشكل يومي خلال وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام.
وحذرت مجموعة الحماية من أن الإسقاطات الجوية قد تقتل أو تصيب المدنيين وهي غير كافية من حيث الحجم لتلبية الاحتياجات الواسعة داخل غزة .
مقتل أكثر من 60 ألف فلسطيني
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أفاد بأن القوات الإسرائيلية واصلت قصفها الجوي والبري والبحري المكثف على قطاع غزة، خلال الأسبوع الماضي، بالتزامن مع عمليات برية متواصلة.
كما أطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة صواريخ على إسرائيل، واشتبكت مع القوات الإسرائيلية. ومنذ 20 يوليو، لم تصدر السلطات الإسرائيلية أي أوامر تهجير جديدة.
وفقا لوزارة الصحة في غزة، قُتل 640 فلسطينيا وجُرح 3224 آخرون في الفترة من 23 إلى 30 يوليو. وبلغ إجمالي عدد القتلى منذ السابع من أكتوبر ما لا يقل عن 60,138 فلسطينيا وإصابة 146,269 آخرين، وفقا للوزارة.
ومنذ بداية الحرب، أفادت منظمة الصحة العالمية بإجلاء 7,460 مريضا من غزة من بينهم 5,160 طفلا لتلقي العلاج في الخارج.
لا يوجد تعليقات