سوريا: سيناريوهات تغيير سياسي دراماتيكي .. هل يوجد اتفاق غير معلن ما بين "موسكو و واشنطن"، مقابل الصمت الروسي عما يحدث ؟؟؟

 

 
 في بداية هذا المقال، يجب الإشارة إلى أنه حين نكتب أو نتحدث عن أزمة
بعمق وأبعاد الأزمة السورية، أو ما يحدث بالتحديد على المسرح الدراماتيكي
السوري من تداخل قوى المصالح والأطماع الدولية والإقليمية وتوابعها، فليس
إلا لمحاولة الوصول إلى المسكوت عنه وفقاً لدوافع وأبعاد أطراف الصراع،
وهو أمر شائك ومعقد. خاصة في ظل انقسام الشارع العربي والسوري ما بين
مؤيد ومعارض لقبول أو رفض ما آلت إليه الأحداث، وهو ما يفرض علينا
الكتابة بعيداًعن لغة التعصب والانسداد في الرؤية والبصيرة، حتى لا نسقط
أو نهلك في جحيم المتناقضات أو الجدل الذي لا جدوى أو نتاج منه إلا، إما
الفكاك من صورة واقع أليم أو تشويه حقيقة واضحة، ونحن في منأى عن هذا أو
ذاك، فلا يشغلنا رئيس أو نظام  بقدر ما يشغلنا في المقام الأول والأخير
وطن وشعب وحضارة وتاريخ.

 

-- ومن هنا، وبعد مرور 13 عام من الصراع  منذ نشوئه في مارس 2011، حتى
انتهي بسقوط الأسد ونظامه ديسمبر 2024. وما بين أفراح المتفائلين بسقوطه،
وصدمة المتشائمين برحيله، خوفاً على مستقبل سوريا في ظل انهيار سيادة
الدولة الوطنية السورية، ووجود العديد من الفصائل والميليشيات الجهادية
المعدة لإدارة شؤون السلطة والحكم  كما أرادته القوى المناهضة للنظام،
رأينا أنه من حق المواطن والمهموم بمتغيرات وتحولات العالم الذي نعيشه،
معرفة ما يفسر حقيقة وأبعاد ما يجري من تحولات وتراتيب، ليس في سوريا
فحسب بل المنطقة بكاملها، خاصة في ظل تلاحق الأحداث وتسارعها على غير ما
يتوقعه حتى المتفائلين من المناهضين للأسد ونظامه، لما آلت إليه الأحداث
التي بدأت باجتياح شمال غزة وجنوب لبنان والدولة السورية قي فترة زمنية
قصيرة، جاءت لتفسر أن ما حدث يصعب مروره واعتباره على سبيل الصدف
العابرة!!!

 

** وحتى نستطيع تفسير ما يحدث في سوريا اليوم، نرى ولو بنظرة سريعة ضرورة
 إلقاء الضوء على ملامح التدخل الروسي في سوريا 2015، مقارنة بالغياب
والصمت الروسي 2024، وما يحدث في سوريا اليوم، وكذلك وجوب التعرض لغموض
وتناقض الموقف الأمريكي وأبعاده في الأزمة منذ اندلعت شرارة الصراع  ما
بعد 2011 في أحداث ما يسمى "بالربيع العربي"، فضلاً عن أهمية التعرض
للأبعاد التي شكلت أسباب التدخل الروسي في سوريا، بوصفه اللاعب أو الضامن
الأكبر ل "اتقاق أستانا" المنقضي باتفاق الدول الراعية للاتفاق (روسيا-
تركيا- ايران) بتحديد مناطق خفض التصعيد وإقامة 4 مناطق آمنة في (ادلب-
حمص- الغوطة الشرقية- درعا والقنيطرة)، مسترشدين في ذلك ببنود قرار "مجلس
الأمن" 2254 لعام 2015، ومؤكدين التزامهم بسيادة واستقلالية ووحدة
الأراضي السورية !!!

 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن:
 ماهي أهم العوامل والأبعاد التي شكلت أسباب التدخل الروسي في سوريا (2015)؟؟؟..
 وذلك لمحاولة كشف وفهم عوامل وأبعاد الصمت والغياب الروسي عما يحدث في
سوريا اليوم!!!

 

** وفقاً لما هو ثابت في "أدبيات الصراع الدولي"، صدر عن "وكالة
المخابرات الأمريكية المركزية" وثيقة أمريكية عام "1986"، أفرج عن سريتها
مؤخراً، وتستعرض السيناريوهات المحتملة والبديلة لتغيير النظام السوري،
والإطاحة بالرئيس حافظ الأسد تحت مبرر ممارسته العنف ضد الشعب السوري
وسيطرة الأقلية العلوية على مقاليد السلطة والحكم. وكشفت الوثيقة التي
جاءت تحت عنوان (سورية: "سيناريوهات تغيير سياسي دراماتيكي"( ، أن الواقع
المحتمل لسيناريوهات التغيير السياسي في سورية ينطلق من نشوب صراع على
السلطة وحدوث اضطرابات وقلاقل داخلية تهدد قبضة وسيطرة القيادة العلوية
في البلاد. وذكرت الوثيقة أنه على الرغم من هدوء حدة التصعيد بين
العلويين والسنيين في السنوات السابقة وبما يمكن أن يقلص من فرص حدوث
مواجهات ثانية ضد السنيين (إشارة إلى أحداث حماة "1982")، إلا أن
احتمالية استثارة العنف وإشعال الصراع الطائفي مازالت قائمة من حيث يملك
النظام الرغبة والقدرة على قمع الحركات السنية المعارضة، وذلك سيحفز
عددًا كبيرًا من الضباط السنة والمجندين على الهروب من الخدمة أو التمرد
تمهيداً لنشوب حرب أهلية . وأخطر ما ذكرته الوثيقة، أنه على أسوأ
السيناريوهات أو النتائج المحتملة للتغيير الدراماتيكي في سورية، سيكون
عدم الاستقرار على المدى الطويل والناجم عن سلسلة من الانقلابات العسكرية
التي ستضعف من قوة سورية في المنطقة. "والأهم"، أن أفضل ما يخدم المصالح
الأمريكية هو (نظام سني) يسيطر عليه معتدلون ذو توجهات تجارية من حيث ترى
واشنطن أن انشغال هذه الجماعات بالتنمية الاقتصادية وسعيها للحد من دور
الجيش فإن ذلك من شأنه أن يعطي السنة حافزاً أو مبرراً لتجنب الحرب مع
إسرائيل.

 

-- كما أنه، وفي إطار مخططات واشنطن لإعادة تقسيم المنطقة على أسس الهوية
الطائفية والعرقية، نشرت "مجلة القوات المسلحة الأمريكية"  "يوليو 2006"،
في مقال بعنوان "حدود الدم"،  وفيه خارطة جديدة تشكلت على ما تريده
واشنطن لمعالجة عوار التقسيم الذي قامت به (إنجلترا وفرنسا) في الربع
الأول من القرن العشرين. ذلك المخطط الذي حدده  العراب البريطاني الأصل
اليهودي الديانة "بيرنارد لويس" وتبنى تنفيذه "جورج دبليو بوش"
والمحافظون الجدد تحت مسمى (مشروع الشرق الأوسط الكبير)، ذلك المشروع
الذي يحقق وفق التصور الأمريكي : تقسيم المنطقة العربية بعد تدمير ما
يسمى بـ"مثلث القوة العربي" (مصر- سورية- العراق)، خاصة بعد أن استطاعت
واشنطن تدمير العراق وإخراجه من هويته العربية وإنهاء دوره الإقليمي
والعربي، وهي تسعى اليوم لتطبيق نفس السيناريو في سورية لإنهاك القوة
العربية، ولتصبح إسرائيل القوة الكبرى في المنطقة من دون دفع فواتير
المواجهات العسكرية.

 

ومن هنا، بدا واضحاً أن الدوافع الأمريكية للتدخل في سورية، ليس بهدف
التحول السلمي الديمقراطي كما تدعي واشنطن، بقدر ما عبرت عنه الإدارة
الأمريكية بما يعرف بمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، وتقسيم المنطقة
العربية عبر آلية 

الفوضى الخلاقة في ظل الحراك العربي لتقسيم المنطقة على أسس الهوية العرقية والطائفية، ولتصبح الدول العربية أمام تلك الطوائف المتحاربة عاجزة عن تهديد أمن وسلامة إسرائيل. لا سيما، أن "مشروع الشرق الأوسط الجديد" تم موافقة الكونغرس الأمريكي عليه بالإجماع
عام "1983"، وقد أعادت الولايات المتحدة إحياء هذا المشروع بعد أحداث
"الربيع العربي". ويهدف المشروع إلى تقسيم سورية إلى دويلات صغيرة
كالتالي:

1- الدولة السنية: وتضم دمشق، حلب، وقسم من حمص، وتدمر، والرقة، ودير
الزور، وصولاً إلى مدينة الحسكة التي تضم طائفة كردية.

2- الدولة الكردية: تمتد من حدود إقليم كردستان العراق شرقاً، مروراً
بالقامشلي، الحسكة، ديرباسية كوباني، عفرين، وتنتهي بمضيق سلمى الساحلي.

3- الدولة العلوية: وتضم طرطوس، واللاذقية، وتمتد من الدولة العلوية إلى
حدود لواء اسكندرونة التابع لتركيا في الشمال إلى الحدود اللبنانية من
الجنوب.

4- الدولة الدرزية: حيث تأخذ أجزاء من الأراضي السورية واللبنانية .

** وعلى ذلك، بدا لصانع القرار الروسي أن المتغيرات التي تشهدها المنطقة
في ظل أحداث "الربيع العربي" تهدد النفوذ الروسي في المنطقة، خاصة بعد أن
كشف السيناريو الليبي التوسع في تفسير قرار "مجلس الأمن 1973"، وتجاوز
حدود مضمون القرار من حماية المدنيين للإطاحة بالنظام الليبي وحكم
"القذافي". فضلاً عن إدراك موسكو أن قوي التغيير المُعَدة لإدارة وحكم
المنطقة هي قوى الإسلام الراديكالي والجهاديين، وأن ذلك يهدد الأمن
القومي الروسي ويعوق موسكو من المساهمة في صياغة النظام الإقليمي الجديد.
ومن ثم، كان الرفض الروسي بشكل قاطع ومعلن برفض تغيير النظام والتدخل
الخارجي في الشأن الداخلي السوري وقدمت موسكو كافة أنواع الدعم
الدبلوماسي السياسي والعسكري لتعزيز قدرة النظام على مواجهة الأزمة.

-- وبعد التفوق الذي حققته المعارضة المسلحة والتنظيمات الجهادية
وسيطرتها على 70% من الأراضي السورية، فإن ذلك ما دفع موسكو لتشكيل
ائتلاف إقليمي يضم (النظام- روسيا- إيران- حزب الله)، خاصة بعد عجز
"التحالف الوهمي الأمريكي" 2014، بدعوى محاربة "داعش" عن وقف تمدد
التنظيمات المسلحة وانتشارها على معظم الأراضي السورية، ومن ثم، نجح
التحالف الروسي بتمكين النظام السوري من استعادة السيطرة ميدانياً على
الأرض السورية، وتكون موسكو بذلك قد حققت الحفاظ على النفوذ والمصالح
الروسية في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن مكافحة وتقويض انتشار التنظيمات
الجهادية ليس على مستوى المنطقة فحسب، وإنما تخوفاً من امتداد مخاطر
تهديدها إلى الداخل الروسي . لأنه في المقابل وعلى الجانب الآخر، فإن
سقوط النظام سيؤدي إلى تأسيس نظام موالٍ للغرب سينعكس بتصعيد خطر
المواجهات الروسية مع الغرب في منطقة القوقاز وجمهورية آسيا الوسطى التي
تمثل أهم المجالات الحيوية لموسكو. ولعل ذلك ما وضع سورية على قمة
الاهتمامات الروسية في الشرق الأوسط. وبدا بوضوح أمام صانع القرار الروسي
أن استقرار سورية يمثل حجر الزاوية لموسكو، وأن تطور الحرب الأهلية
وتصعيدها في سورية سيكون سبباً مباشراً في زعزعة أوضاع الدول المجاورة
وسينعكس أثاره بتهديد أمن المنطقة.

-- ولأنه لا يغيب عن الذاكرة الروسية أن الثابت في العقيدة الأمريكية، أن
من يسيطر على منطقة "الشرق الأوسط" يسيطر على العالم، فضلاُ عن أن تحقيق
أمن إسرائيل وسلامتها في المنطقة هو من أولويات الثوابت الأمريكية، لذا
شهدت الأحداث التاريخية منذ خمسينيات القرن الماضي "توتر العلاقات" بين
واشنطن ودمشق على أثر ملاحقات إدارات "البيت الأبيض" المستمرة للأنظمة
والحكومات السورية المتعاقبة لإرغام سورية اتباع سياسة لا تتعارض مع
السياسات الأمريكية في المنطقة. ومنذ تلك الحقبة التاريخية المهمة مروراً
بأحداث ما يُسَمّى بـ"الربيع العربي"، مازالت دمشق متهمة من "البيت
الأبيض" بأنها ضمن الدول الراعية للإرهاب، ولكونها ضمن  (محور المقاومة)،
وضعتها أجندة واشنطن على طول فترة الصراع (الإسرائيلي- السوري) ضمن "محور
الشر" (العراق- إيران- كوريا الشمالية)، وعلى قائمة الدول المستهدفة
بتغيير الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط .

-- كما شكلت التحولات العالمية منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد
السوفييتي أهم المتغيرات الإقليمية التي وظفتها واشنطن لتغيير خارطة
الشرق الأوسط، خاصة منذ "أحداث سبتمبر"، مروراً بـ "غزو العراق"، وما
يُسَمّى بـ"الربيع العربي"، وبدا ذلك بوضوح منذ أطلقت "كونداليزا  رايس"
وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس "جورج دبليو بوش" بما تعارف على
اصطلاحه بـ(الفوضى الخلاقة) ذلك الاصطلاح الذي ارتبط ظهوره بالشرق
الأوسط، وخرج من مراكز الأبحاث الأمريكية عام "1902" على يد المؤرخ
الأمريكي "تاير ماهان"، ليتطور المفهوم بعد ذلك على يد "مايكل ليدن" إلى
ما يُسمَى بـ(الفوضى البناءة أو التدمير البناء)، وبما يعني أنه عندما
يصل المجتمع إلى أقصى درجات الفوضى من العنف وإراقة الدماء وإشاعة الخوف
والذعر لدى المواطنين، يُصبح في الإمكان إعادة بناؤه من جديد بهوية
وأيديولوجية جديدة بعد القيام  بإجراء الإصلاحات السياسية والاجتماعية.
ومن هنا، استطاعت الولايات المتحدة  أن تجعل من أحداث "سبتمبر 2001"،
مدخلاً لتسويق الأهداف التي تخدم متغيرات السياسات الأمريكية وفق ما تم
عولمته من مفاهيم وقضايا دولية جديدة تبنتها المؤسسات الدولية والأممية ك
(الإرهاب- التحول الديمقراطي- أسلحة الدمار الشامل- التدخل الإنساني-
مبدأ حق الحماية ...إلخ).
--  ومن ثم، دعمت واشنطن"المعارضة المسلحة" في سوريا، منذ امدلاع الصراع،
لإزاحة النظام العلوي الشيعي بهدف إقامة (دولة سنية) في المنطقة لتصبح
إيران عدوها الأول بدلاً من إسرائيل، ففي التصور الأمريكي أن ذلك سيؤدي
إلى تحول الصراع (العربي- الإسرائيلي) إلى صراع (سني- شيعي)، وأن ذلك
سيسهل من تحقيق ما يُسَمّى بـ(مشروع الشرق الأوسط الجديد) لتقسيم المنطقة
على أسس الهوية الطائفية والعرقية.
 ومن هنا، وعلى مسرح الأحداث في سوريا اليوم، نشاهد مشهدين هما 

الأقرب والأوضح لتفسير المشهد أو الواقع السوري:
-- (الأول)  وجود وتداخل العديد من الفصائل والميليشيات الطائفية
والسياسية المسلحة على الأراضي السورية من كل المستويات والاتجاهات، ومن
مختلف التكوينات والتنظيمات الدينية والسياسية، والتي يصعب حصرها، كما
يصعب تحديد مدى حركتها ونطاقها، ومنابع تمويلها من دول المصالح والأطماع،
وما يمكن أن تشكله تلك القصائل من مخاطر وتهديد ليس فقط على الداخل
السوري، بل على المنطقة بكاملها ودول الجوار. ومن أهم تلك التنظيمات، ما
يسمى ب "الجماعات الجهادية الإسلامية"، والمناهضة للنظام، والتي تسعى
لتكوين (دولة الخلافة)، وعلى رأسها (جبهة النصرة، والتي تم تغيير اسمها
إلى "جبهة فتح أو تحرير الشام" في "يوليو 2016"- الجبهة الإسلامية- حركات
أحرار الشام الإسلامية- جيش الإسلام- الجبهة الإسلامية السورية- اتحاد
جند الشام الإسلامي- جبهة التحرير الإسلامية السورية- لواء أحفاد
الرسول)، علاوة على تنظيم الإخوان المسلمين وميليشياته المنبثقة عنه
والتابعة له تحت مسمى (الجيش السوري الحر)، فضلاً عن العديد من التنظيمات
التي تم تكوينها ما بعد 2011، والتي يصعب حصرها.

-- (الثاني) وهو السؤال الأهم في هذا المقال: هل من السهل اليسير، بعد كل
ما دفعته "موسكو" من تكاليف وفواتيرعبر أكثر من نصف قرن أو يزيد لتأمين
مصالحها الاستراتيجة والعسكرية في الشرق الأوسط، أن تغمض عينيها عن كل ما
يحدث في سوريا اليوم!!! فأصبحت في ليلة وضحاها، لا تسمع ولا ترى ولا
تتكلم، وتغامر بكل مقدراتها بتنصيب وتأمين ألد أعدائها بديلاً عن أكبر
حليف لها في المنطقة والشرق الأوسط!!!،... أم أن ثمة اتفاق غير معلن ما
بين (ترامب – بوتين)، دفعت سوريا فيه الثمن مقابل ما ستحصل عليه روسيا في
أوكرانيا؟؟؟

ومستخلص الختام:

* بدا واضحاً من كل ما تم عرضه واستطراده، أن الموقف الأمريكي تجاه
الأزمة السورية والنظام، وبرغم مروره بمراحل وحقبة زمنية ليست بالقصيرة
منذ نشوب الأزمة واشتعال الصراع، إلا أنه في حقيقته لم يتغير أو يحيد عن
الهدف الذي أعلنته واشنطن منذ بداية الأزمة واندلاع الصراع، وهو العمل
على إزاحة الأسد ونظامه في إطار المخططات الأمريكية والغربية
لتغييرالأنظمة العربية وإحلالها بأنظمة بديله لا تتعارض مع الاستراتيجية
الأمريكية الجديدة.

* وعلى الرغم من أن الصراع السوري يبدو في ظاهره صراع بين الأسد ونظامه
من جهة، والمتمردين المسلحين من جهة أخرى، إلا أننا نرى أن الصراع السوري
بفعل ما أرادته القوى العالمية في غياب الشرعية الدولية، أخذ منحى الصراع
الطائقي (سني – شيعي)،  كأحد أشكال حروب الوكالة لإشعال وتقسيم المنطقة
العربية، وإعادة رسم حدود الشرق والعالم الجديد الذي تريده أمريكا
وحلفائها الغربيين.

*ثبت يقيناً بعد أحداث ما يسمى بالربيع العربي، أن الميليشيات الطائفية
والجهادية التي تسعى لإقامة دولة الخلافة  في سوريا بدعم الولايات
المتحدة وحلفائها الغربيين، وهو الأمر الذل كان مقدراً له أن أن يحدث في
سيناء قي ظل حكم الإخوان المسلمين في مصر، هي الخطر الأكبر الذي يهدد
الأمن القومي السوري ودول الجوار، مما يهدد الأمن القومي العربي.

* ومن ثم، وعن مستقبل سوريا، فلست لا من المتفائلين ولا المكبرين بأن هذا
فتح عظيم!!!، والذي يريد أن يرى المشهد كاملاُ بأبعاده، وبلا تزييل أو
تجميل، يجب أن ينظر ويدقق النظرعما فعلته إسرائيل في ثلاثة أيام فقط منذ
رحيل الأسد ونظامه، من حيث استغلت حالة الفراغ اللحظي، وانشغال كل فصيل
أو جماعة بتأكيد سيطرته على الجزء المتاح من جغرافيا الدولة المنكوبة،
وقامت بتدمير البحرية السورية والمطارات وكافة أنظمة الدفاع الجوي ولا
يقل عن 500 طائرة جوية وما يقارب من 2700 دبابة حربية بما يعني تدمير
ترسانة وقوة سوريا العسكرية، فضلاً عن احتلال منطقة (جبل الشيخ السورية)
وإنشاء منطقة عازلة!!!،  والغريب  لم نجد من عشرات الجماعات والفصائل
المسلحة التي  تتصارع على تقسيم الغنائم في سوريا، أي فعل أو إشارة  أو
حتى شجب أو إدانة لما فعلته اسرائيل، وكأنه من الأمور المتفق عليها!!!،
فلكِ الله ياسوريا -- لكِ الله ياسوريا.
بقلم/ عطية سعد
ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية/ جامعة القاهرة

مشاركة الخبر

الأخبار المتعلقة

تعليقات

لا يوجد تعليقات